في خضم الصراعات الداخلية المتواصلة التي تمزق جماعة الإخوان الإرهابية، وبرزت الخلافات المالية كعامل رئيسي يهدد استقرارها، وكشف النقاب عن انقسامات عميقة داخل التنظيم.
تقريرنا يستعرض كيف تحولت هذه الخلافات إلى صراع مفتوح يهدد بتفكيك الجماعة بشكل نهائي.
تصاعد التوترات الداخلية
على مدار السنوات الماضية، شهدت جماعة الإخوان صراعًا داخليًا متزايدًا حول إدارة الموارد المالية التي تعتبر شريان الحياة للتنظيم.
وتعد الشبكة المالية واحدة من الركائز الأساسية التي قامت عليها الجماعة، والتي تشمل المؤسسات الاستثمارية والتعليمية في مختلف أنحاء العالم، وبشكل خاص في أوروبا.
إلا إن توزيع هذه الموارد بين القيادات والأعضاء في التنظيم أصبح يثير توترات حادة، فبينما تُمنح الأموال للقيادات الكبيرة وبعض الأعضاء الموثوق بهم، يظل باقي الأعضاء في موقف لا يحسد عليه، ما يفاقم الانقسامات الداخلية.
ضعف الشبكة التنظيمية
تستمر العقوبات الدولية على جماعة الإخوان في تقليص قدرتها على جمع الأموال بشكل قانوني؛ مما يزيد من التحديات التي تواجهها في الحفاظ على هيكلها التنظيمي.
وتبرز هذه العقوبات في تجميد الأصول والممتلكات التي كانت تستخدم لتمويل الأنشطة السياسية والأنشطة الخيرية؛ مما يجعل الجماعة تعتمد بشكل أكبر على التمويل الخارجي الذي لا يتسم دائمًا بالثبات.
هذا التراجع في التمويلات ساهم في تفكيك التوازن الداخلي للجماعة، وجعل من الصعب إدارة الأنشطة والمشاريع التي كانت تمولها في السابق.
والنزاع على توزيع الأموال قد لا يكون السبب الوحيد وراء الانشقاقات التي تجتاح صفوف الجماعة، لكنه بالتأكيد هو المحرك الرئيسي لتزايد تلك الانقسامات.
فالتوتر بين قيادات التنظيم القديمة والجديدة بشأن كيفية إدارة المؤسسات المالية في أوروبا قد أفضى إلى انفصال تام بين الجبهات، خصوصًا بين جبهة لندن التي يقودها السعدني أحمد، وجبهة إسطنبول التي يترأسها محمود حسين.
هذا الانقسام بات يشق صفوف الجماعة إلى تيارات متصارعة، كل واحدة تدعي السيطرة على شبكة التمويلات والمصادر المالية في القارة الأوروبية، ما يجعل وضع الجماعة في أوروبا في غاية الضعف.
فقدان الدعم الشعبي
الجماعة التي كانت تعتمد على دعمها الشعبي داخل مصر وفي مناطق أخرى من العالم العربي، أصبحت الآن تواجه صعوبة كبيرة في بناء هذا الدعم من جديد.
اعتماد الإخوان على التمويلات الخارجية، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية التي لم تعد تخفى على أحد، جعل الحاضنة الشعبية تبتعد تدريجيًا.
لم يعد هناك شرعية تامة بين مؤيدي الجماعة الذين بدأوا يشككون في قدرتها على إدارة شؤونهم المالية والتنظيمية.
كما أن الانقسامات بين القيادات العليا قد أدت إلى ضعف الحافز الشعبي والالتزام بالجماعة.
يبدو أن الجماعة على أبواب مرحلة صعبة من التفكك الداخلي، حيث تعيش في حالة من الارتباك التنظيمي على مختلف الأصعدة.
والتوترات المالية التي تعصف بها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تفكك تام للتنظيم، أو على الأقل إلى ظهور كيانات صغيرة ومتنافرة تكون أقل قدرة على التأثير على الساحة السياسية.
في ظل استمرار الأزمات المالية، سيكون من الصعب على الإخوان الحفاظ على قوتهم في المستقبل.
ويقول الباحث السياسي المختص في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد: إن جماعة الإخوان هم في الأساس تجار، ويقومون ببيع بعضهم، والخيانة مبدأهم، وعلى مدار تاريخ الجماعة تعرضت إلى المزيد من الاحتقان الداخلي نتاج إلى سياسات الخلافات حول الأموال بشكل دائم.
وأضاف عيد – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، إن أوضاع الجماعة في الوقت الحالي عبارة عن تركيبة خاصة فهي تنهار داخليًا وخارجيًا، وأصبح من المألوف أن نرى أن الجماعة في السنوات الأخيرة تنهار تمامًا، حيث انكشف أمرها للعالم أجمع، وبشكل خاص الدول العربية التي بدورها تنفر الجماعة.