بعد تولي الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون منصبه، أجرى عدة استشارات مع الكتل النيابية، لاختيار من سيتولى مهمة تشكيل حكومة جديدة التي تنتظرها تحديات كبيرة، من أجل الاستقرار في البلاد.
المعارضة اللبنانية ترشح ” نواف سلام”
ويُرشح عدد من الأحزاب والتيارات المعارضة في لبنان اسم القاضي نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء في البلاد ليكون المرشح الأوفر حظًا من جانب المعارضة بعد انسحاب النائب فؤاد مخزومي من السباق، اليوم الاثنين، في حين يبقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، منافسًا قويًا في السباق.
وبذلك تنحصر المنافسة بشكل رئيسي بين مرشحين، هما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والدبلوماسي المخضرم نواف سلام الذي يرأس حاليًا محكمة العدل الدولية في لاهاي.
البداية
ولد نواف سلام في 15 ديسمبر 1953 في بيروت من عائلة سياسية معروفة، والده عبدالله سلام أحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط، وهي شركة الطيران الوطنية اللبنانية، ومثّل العائلة في مجلس إدارتها ما بين 1956 و1983.
كان جده سليم علي سلام، رئيسًا لبلدية بيروت ونائبًا في مجلس “المبعوثان” العثماني في إسطنبول، وأحد مؤسسي “الحركة الإصلاحية في بيروت” المناهضة للسياسة التركية في الشرق، وكان أيضًا عضوًا في الحكومة العربية الكبرى التي أسسها الملك فيصل بن الحسين ومديرًا لمكتبها في بيروت، وفق صحيفة “النهار”.
وعمه هو صائب سلام، الذي ترأس الحكومة اللبنانية 4 مرات في الفترة ما بين 1952 و1973، وترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة في الفترة 2014 و2016.
لذا يتمتع سلام بشعبية في صفوف الشباب والتغييريين.
الدراسة
بدأ مساره الأكاديمي بحصوله على دبلوم من مدرسة الدراسات العليا بالعلوم الاجتماعية في باريس عام 1974 ثم دكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون في باريس سنة 1979.
ثم حصل على ليسانس (بكالوريوس) في القانون من جامعة بيروت عام 1984 ثم ماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة هارفارد سنة 1991 ثم دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992.
العمل القضائي
بدأ عمله في مجال القانون عام 1984 محاميًا بالاستئناف وعضوًا في نقابة المحامين في بيروت ومستشارًا وممثلاً للعديد من الهيئات الدولية والمحلية والعامة والخاصة في بيروت في فترتين (1984ـ1989) و(1992ـ2007).
كما عمل في مدينة بوسطن الأميركية ممثلاً قانونيًا لعدد من المؤسسات الدولية في الفترة ما بين 1989ـ1992.
قبل ذلك كان قد شرع في مسار مهني في المجال الأكاديمي، إذ عمل محاضراً في جامعة السوربون من 1979 إلى 1981، حيث درس التاريخ المعاصر للشرق الأوسط، وفي عام 1981 كان زميلاً زائراً في مركز ويذرهيد للشؤون الدولية بجامعة هارفارد. وبين 1985 و1989 عمل محاضرًا في الجامعة الأميركية في بيروت.
بعد عودته إلى بيروت عام 1992، عمل محاميًا في مكتب تكلا للمحاماة، وبالتوازي مع ممارسته القانون، بدأ تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت وترأس قسم الدراسات السياسية والإدارة العامة بالجامعة ذاتها في الفترة 2005ـ2007.
كما عمل محاضرًا في جامعات عدة منها كلية الحقوق في جامعة هارفارد وكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا ومعهد السلام الدولي في نيويورك وكلية الحقوق بجامعة “ييل” وجامعة “فرايبورغ” الألمانية وجامعة بوسطن، وفي جامعات عربية في الرباط والقاهرة وأبوظبي.
انتخب عضوًا في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ما بين 1999 و2002، وكانت مهمة هذا المجلس تقديم المشورة والاقتراحات والتوصيات في المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي التي ترده من الحكومة.
كما عينه مجلس الوزراء اللبناني سنة 2005 عضوًا ومقررًا في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، إذ أسهم في إعداد مسودة قانون انتخابي جديد بعد إنهاء سوريا وجودها العسكري في لبنان.
وقدمت هذه الهيئة، التي عرفت باسم “لجنة بطرس” نسبة إلى رئيسها الوزير الراحل فؤاد بطرس، اقتراح قانون عام 2006 تضمن العديد من الإصلاحات، من أبرزها اعتماد نظام انتخابي مختلط ينتخب 77 نائبًا وفقًا للنظام الأكثري و51 وفقًا للنظام النسبي.
محكمة العدل الدولية
انتخب سلام رئيسًا لمحكمة العدل الدولية بلاهاي في فبراير 2024 لـ3 سنوات بعد انتهاء ولاية الرئيسة الأميركية القاضية جون دونوغيو، ليصبح بذلك ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها عام 1945.
وكان سلام قد انضم عام 2018 إلى هذه المحكمة التي تتألف من 15 قاضيًا يتم انتخابهم من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكان سفير وممثل دائم للبنان لدى الأمم المتحدة بين 2007 و2017 وممثله في مجلس الأمن، ورئيس مجلس الأمن ما بين مايو 2010 وسبتمبر 2011، ونائب رئيس الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة من سبتمبر 2012 إلى سبتمبر 2013.
وتولى تمثيل لبنان في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة عامي 2016 و2018، وكان عضوًا في بعثات ميدانية لمجلس الأمن إلى دول عدة كإثيوبيا والسودان وكينيا أوغندا وأفغانستان.
وله العديد من المؤلفات والمقالات في مجالات القانون الدولي والدستوري والسياسة والتاريخ، بينها: “الإصلاح الممكن والإصلاح المنشود، بحوث ومقالات في الأزمة اللبنانية” المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر عام 1989، و”خيارات للبنان” وهو كتاب مشترك صدر عام 2004، و”لبنان في مجلس الأمن 2010-2011″ عام 2013، و”لبنان بين الأمس والغد” عام 2021، وصدر في نسختين بالعربية والفرنسية.