تشهد سوريا موجة جديدة من التوترات الداخلية، تتمثل في اشتباكات عشائرية متفرقة في عدة مناطق.
مما يثير تساؤلات حول احتمال بدء تقسيم البلاد فعليًا إلى مناطق نفوذ عشائرية أو طائفية.
يأتي هذا وسط سياق معقد من التحديات السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد.
اندلاع اشتباكات شمالي درعا
أفادت مصادر إعلامية بوقوع اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين عشائر البدو في منطقة الصافيا قرب مدينة إزرع شمالي درعا.
ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى.
هذه الاشتباكات التي استمرت لأكثر من يومٍ تأتي في ظل اضطرابات أمنية عامة تعاني منها المنطقة.
وسط غياب واضح لأي حلول شاملة لوقف النزاعات العشائرية التي تتكرر بين الفينة والأخرى.
وذكرت تقارير محلية، أن إدارة العمليات العسكرية دخلت مدينة إزرع لتعقب مسلحين يشتبه في ولائهم للنظام السوري السابق؛ مما يعكس تصاعد التوترات بين القوى المتنازعة داخل المدينة.
حملة أمنية في حمص
في مدينة حمص، أطلقت السلطات حملة أمنية شاملة استهدفت أحياء وادي الذهب وعكرمة ذات الأغلبية العلوية.
تهدف هذه الحملة إلى ملاحقة المتورطين في جرائم حرب، والأشخاص الذين رفضوا تسليم أسلحتهم أو الامتثال لعمليات التسوية التي دعت إليها الحكومة.
رافق هذه الحملة فرض حظر تجوال صارم وتحذيرات للسكان بعدم مغادرة منازلهم حتى إشعار آخر.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شملت الحملة ملاحقة المحرضين على التظاهرات التي اندلعت مؤخرًا.
إضافة إلى اعتقال من وصفوا بـ”الشبيحة” المتهمين بالتورط في العنف على مدى السنوات الماضية.
تصاعد التوتر في تلبيسة
في مدينة تلبيسة شمالي حمص، فرضت إدارة العمليات العسكرية حظر تجوال وبدأت بحملة دهم واسعة لملاحقة مطلوبين بتهم تتعلق بأعمال “التشليح” وجرائم أخرى.
وشهدت المدينة أصوات إطلاق نار كثيف خلال هذه العمليات، التي أسفرت عن اعتقال تسعة أشخاص متهمين بتجارة المخدرات والخطف.
اشتباكات عشائرية.. بداية تقسيم أم استنزاف داخلي؟
التصاعد في النزاعات العشائرية، سواء في شمال درعا أو في مناطق أخرى، يعكس ضعف سيطرة الدولة على أجزاء كبيرة من البلاد.
ومع التعددية العشائرية والطائفية التي تتميز بها سوريا، بات من الواضح أن النزاعات المحلية قد تكون مدخلًا لفرض واقع تقسيمي جديد.
التوترات العشائرية في جنوب سوريا ليست سوى جزء من الصورة الأكبر.
فكل منطقة تقريبًا تشهد تصاعدًا في النفوذ المحلي.
سواء من عشائر، ميليشيات مسلحة، أو قوات مدعومة خارجيًا.
ويزيد هذا من تعقيد المشهد السياسي والأمني، ما يطرح تساؤلات ملحة حول قدرة الحكومة المركزية على فرض سيطرتها وإعادة بناء دولة موحدة.
سيناريوهات مستقبلية
مع استمرار النزاعات العشائرية، قد تتحول الاشتباكات إلى صراعات أوسع نطاقًا تتجاوز الحدود المحلية؛ مما يعمق الانقسامات بين المناطق المختلفة.
وقد تستغل القوى الإقليمية والدولية هذه الانقسامات لتعزيز نفوذها؛ مما يكرس سيناريو التقسيم بحكم الأمر الواقع.
على الرغم من صعوبة تحقيق ذلك، فإن تسوية سياسية شاملة تضمن تمثيل كافة الأطراف قد تكون السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة البلاد.