شهد عام 2024 سلسلة من الضربات المتتالية التي عصفت بجماعة الإخوان الإرهابية، لتؤكد على استمرار التراجع الشعبي والسياسي للجماعة في مختلف الدول، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
لم تقتصر الأزمات التي واجهتها الجماعة على فقدان نفوذها، بل امتدت إلى فضائح مالية وسياسية أضعفت صورتها أكثر أمام أنصارها، ما جعل عام 2024 محطة جديدة في تاريخ سقوطها.
الإخوان وتراجع النفوذ في الشرق الأوسط
في مصر، واصلت السلطات الأمنية الضربات الاستباقية ضد الخلايا التابعة للجماعة، حيث أعلنت الأجهزة الأمنية عن ضبط عدة شبكات إرهابية حاولت تنفيذ عمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، بالتنسيق مع جهات خارجية.
كما تصاعدت التحركات الشعبية الرافضة لمحاولات الجماعة لإعادة التوغل في الشارع السياسي أو التأثير على المشهد العام.
وفي تونس، تأكد انهيار حركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان، بعدما أعلنت السلطات التونسية عن تورط قيادات بارزة في قضايا فساد وتمويل أجنبي؛ مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضدها، ما دفع الحركة إلى الانزواء تدريجياً عن الساحة السياسية.
أما في ليبيا، فشهدت الجماعة مزيدًا من التراجع بسبب التغيرات الجيوسياسية والتقارب الإقليمي بين دول المنطقة، الذي أسفر عن تضييق الخناق على أنشطتها ودعمها المسلح.
فضائح في أوروبا
لم يكن الوضع أفضل حالاً في أوروبا، حيث تصاعدت التحقيقات ضد الجمعيات التابعة للإخوان التي تتخذ من القارة ملاذاً آمناً لأنشطتها.
وكشفت عدة دول، منها فرنسا وألمانيا، عن تورط هذه الجمعيات في عمليات غسل أموال ودعم الإرهاب؛ مما دفع الحكومات إلى تشديد الرقابة القانونية والمالية عليها، وتجميد أرصدتها.
وفي بريطانيا، حيث كانت الجماعة تمتلك مساحة من الحرية النسبية، تصاعد الضغط الإعلامي والسياسي ضدها بعد الكشف عن تورط بعض الشخصيات المحسوبة عليها في عمليات تجنيد لشباب من الجاليات الإسلامية بهدف دعم أنشطة مشبوهة.
لكن أبرز ما ميز عام 2024 هو انكشاف عمق الانقسامات داخل جماعة الإخوان، حيث ظهرت خلافات حادة بين القيادات المقيمة في الخارج، وخاصة في تركيا وقطر.
واتهمت مجموعات شبابية قيادات الجماعة بالخيانة والفساد، مشيرة إلى استحواذ القيادات الكبرى على أموال الدعم التي تُجمع باسم التنظيم.
وفي سياق متصل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مسربة تظهر خلافات داخلية حول تقسيم الأموال والمناصب، مما أثار موجة استياء بين قواعد الجماعة.
وقد شهدت المنصات الإعلامية التابعة للجماعة تراجعًا كبيرًا في التأثير، بعدما أغلقت بعض الدول قنواتها ومواقعها الإلكترونية بسبب التحريض على العنف ونشر الأخبار الزائفة.
كما انخفضت أعداد متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة الحملات الشعبية والدعائية المضادة، التي كشفت أساليب التضليل التي تعتمدها الجماعة.
يمكن وصف عام 2024 بأنه عام السقوط المتجدد لجماعة الإخوان الإرهابية، التي تواجه رفضًا شعبيًا متزايدًا وضغوطًا أمنية وقانونية غير مسبوقة.
إذ لم تعد الجماعة قادرة على استعادة مكانتها السابقة أو التغلغل في المجتمعات كما كانت في الماضي، بل باتت معزولة سياسيًا وشعبيًا، حتى في معاقلها التقليدية.
مع استمرار فضح ممارساتها داخليًا وخارجيًا، وتصاعد الضغوط الأمنية والقانونية، يبدو أن الحلم الإخواني ببناء مشروعها السياسي في المنطقة قد وصل إلى نهايته الحتمية، تاركًا وراءه إرثًا من الأزمات والانقسامات التي تلاحق التنظيم لعقود قادمة.