مع سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة على كامل الأراضي السورية، تُثار تساؤلات حول فرص إبرام اتفاقية سلام تنهي أكثر من عقد من الصراع المدمر.
التحديات أمام أي اتفاق سلام تتمثل في التباينات الأيديولوجية والسياسية بين الفصائل المعارضة، فضلًا عن التدخلات الإقليمية والدولية التي غالبًا ما تعيق التوصل إلى حلول شاملة، مع ذلك، توجد فرص واعدة إذا توفرت الإرادة السياسية داخليًا وخارجيًا.
أحد أبرز العوامل المؤثرة هو قدرة الفصائل المعارضة على توحيد مواقفها السياسية وتقديم رؤية واضحة لمستقبل سوريا.
التباين الحالي بين الأطراف المختلفة قد يُهدد أي محاولة لتشكيل حكومة وطنية شاملة، ومع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق بين قيادات المعارضة بشأن قضايا أساسية مثل طبيعة النظام السياسي، ضمان حقوق الأقليات، وإعادة الإعمار، قد يُشكل خطوة أولى نحو السلام.
على المستوى الدولي، تلعب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا دورًا رئيسًا في تشكيل مستقبل سوريا.
روسيا، التي ظلت تدعم نظام الأسد لفترة طويلة، قد تسعى الآن لضمان مصالحها الاستراتيجية من خلال صياغة ترتيبات سياسية جديدة. في الوقت نفسه، قد تعمل الولايات المتحدة وشركاؤها على تعزيز نموذج ديمقراطي في سوريا يضمن استقرار المنطقة ومواجهة النفوذ الإيراني.
الدول الإقليمية، لا سيما تركيا والأردن، ستلعب دورًا محوريًا في المفاوضات نظرًا لارتباط استقرارها الداخلي بالمستجدات السورية. تركيا، التي كانت داعمًا رئيسًا للمعارضة، قد تطالب بضمانات أمنية وحدودية، بينما قد تسعى دول الخليج لدعم إعادة الإعمار كوسيلة لتعزيز استقرار المنطقة.
المحلل السياسي هنري باركي، في تحليل له بمجلة “ناشونال إنتريست”، أكد أن انسحاب واشنطن من الملف السوري سيكون خطأ استراتيجيًا يُعزز النفوذين الإيراني والروسي، مع تصاعد الدور التركي في المنطقة. وأشار إلى اعتماد تركيا على تعهدات دونالد ترامب خلال فترته الرئاسية السابقة بالانسحاب من سوريا والتخلي عن دعم الوحدات الكردية، مفسحًا لمجال لتركيا لمحاربة “داعش”.
في السياق ذاته، تتزايد الدعوات التركية لإنهاء وجود الوحدات الكردية، بينما عرض قائد “قسد” مظلوم عبدي مغادرة المقاتلين الأجانب كجزء من جهود وقف إطلاق النار.
من ناحية أخرى، تعد إعادة الإعمار عاملًا حاسمًا لنجاح أي اتفاق سلام. المجتمع الدولي قد يربط المساعدات الاقتصادية بإقامة نظام سياسي يضمن الاستقرار والتنمية المستدامة. يمكن أن يشمل ذلك تأسيس هيئة رقابية دولية للإشراف على تنفيذ اتفاق السلام وضمان الشفافية في إدارة الموارد.
رغم العقبات الكبيرة، فإن الحاجة الماسة لإنهاء المعاناة الإنسانية وعودة اللاجئين قد تشكل دافعًا قويًا لجميع الأطراف للسعي نحو السلام. بناءً على التجارب الدولية، فإن النموذج الفيدرالي قد يكون خيارًا ملائمًا يضمن توزيعًا عادلًا للسلطة بين المناطق المختلفة مع احترام التنوع العرقي والديني في سوريا.