دعا القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع الحكومات الغربية برفع العقوبات المفروضة على سوريا وإزالة تصنيف الإرهاب عن هيئة تحرير الشام، وذلك خلال لقائه بالعديد من الوفود الأجنبية.
الشرع يطالب برفع العقوبات عن سوريا
وأكد الشرع، أن هذه العقوبات “كانت مفروضة على الجلاد الذي رحل الآن”، وأن رفعها ضروري لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الذين فروا بسبب الحرب، ولتمكين إعادة بناء البلاد.
وقال: إنه يجب أن يكون هناك “عقد اجتماعي” بين الدولة وكل الطوائف في بلده لضمان “العدالة الاجتماعية”، مضيفًا أن “سوريا يجب أن تبقى موحدة، ما يهمّنا هو ألا تكون هناك محاصصة”.
وأوضح الشرع – في تصريحاته، التي جاءت خلال اجتماع مع عدد من أبناء الطائفة الدرزية-، اعتزام الإدارة السورية الجديدة “إدارة الأمور من منطلق مؤسساتي وقانوني”، مشيرًا أنه سيتم “حلّ الفصائل” المسلحة و”انضواء” مقاتليها في الجيش السوري الجديد.
كما دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون لإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال وجوده في دمشق مؤخرًا في أول زيارة يقوم بها للبلد بعد إسقاط نظام بشار الأسد.
وبعد لقائه بالشرع، أكد بيدرسون على ضرورة أن تبدأ مؤسسات الدولة بالعمل بشكل كامل مع ضمان الأمن لها، كما أعرب عن أمله في أن تنتهي العقوبات على سوريا سريعا، وأن تنطلق فيها عملية التعافي قريبا.
وتحرص الإدارة السورية الجديدة على إقناع العالم برفع العقوبات المفروضة، لتمكين الجهات الراغبة في الاستثمار بالبلاد التي تحتاج مبالغ طائلة لإعادة إعمارها وتوفير حاجيات كثيرة يفتقدها السكان.
عقوبات أوروبية اقتصادية على سوريا
وتعاني سوريا من العديد من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، والتي تشمل مجموعة واسعة من التدابير الاقتصادية والسياسية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011.
وتهدف هذه العقوبات إلى الضغط على الحكومة السورية لوقف العنف والانتهاكات ضد المدنيين، وتحقيق انتقال سياسي في البلاد.
وتتضمن تلك العقوبات المفروضة، تجميد أصول الحكومة السورية والمسؤولين السوريين في الخارج، ومنع التعامل مع البنك المركزي السوري والمؤسسات المالية السورية، وحظر الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة، ومنع تصدير التكنولوجيا والمعدات التي قد تُستخدم في العمل العسكري.
كما تشكل منع استيراد النفط السوري، وحظر بيع المعدات النفطية، وشملت العقوبات إدراج مئات الشخصيات والكيانات السورية على قوائم العقوبات وتجميد أصول هذه الشخصيات ومنع سفرها.
وتضمنت العقوبات منع الطائرات السورية من التحليق في أجواء الدول الغربية أو الهبوط في مطاراتها. وحظر تصدير الطائرات أو قطع الغيار إلى سوريا، وقيودا على تصدير التكنولوجيا والبرمجيات التي قد تُستخدم في الرقابة على الإنترنت.
وحذّر الغرب بفرض عقوبات على الدول أو الشركات التي تتعامل مع الحكومة السورية أو تساعدها على التهرب من العقوبات.
وكان لهذه العقوبات تأثيرات مباشرة على الاقتصاد السوري، حيث تسببت في تضييق الخناق على الاقتصاد السوري، مما أدى إلى تراجع كبير في القطاعات الحيوية مثل النفط، الزراعة، والصناعة.
وأثّرت العقوبات على المدنيين حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب نقص الإمدادات الأساسية والارتفاع الحاد في الأسعار.
العقوبات المفروضة على سوريا بعد الحرب
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011، تعرضت سوريا لسلسلة من العقوبات الدولية التي فرضتها دول ومنظمات عالمية كإجراء ضغط سياسي واقتصادي على الحكومة السورية، بهدف إنهاء الصراع والضغط من أجل حلول سياسية.
ورغم تفاوت طبيعة العقوبات من دولة إلى أخرى، إلا إنها شكلت تحديًا كبيرًا للاقتصاد السوري والمجتمع ككل.
وشددت الولايات المتحدة قبضتها الاقتصادية على سوريا من خلال تجميد أصول الدولة السورية في البنوك الأميركية، وفرض قيود على التعاملات التجارية مع الكيانات المرتبطة بالحكومة.
كما عززت العقوبات عبر قانون قيصر لعام 2020، الذي استهدف قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنوك بشكل غير مسبوق.
وتم إقرار قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في الولايات المتحدة عام 2019، وبدأ تطبيقه في يونيو 2020.
يستهدف القانون النظام السوري وحلفاءه من خلال فرض عقوبات اقتصادية شديدة تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب المرتكبة خلال النزاع السوري.
ويشمل القانون تجميد أصول الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السوري، وفرض قيود على التعاملات المالية، وحظر دعم المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار في سوريا دون التحقق من أنها لا تعود بالنفع على النظام
كما يمتد تأثير القانون ليشمل الشركات والمؤسسات الدولية التي تتعامل مع النظام السوري، مما وسّع نطاق الضغوط الاقتصادية على البلاد.
وفي سبتمبر 2011، انضم الاتحاد الأوروبي إلى هذه الجهود بفرض حظر مشابه على قطاع النفط السوري، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على النظام. وفي الوقت نفسه، أعلنت أستراليا عن حزمة عقوبات استهدفت بشكل شامل التعاملات المتعلقة بالأسلحة، والنفط، والغاز الطبيعي، والمعادن الثمينة، والبتروكيماويات، بالإضافة إلى حظر التعامل مع أفراد وكيانات مرتبطة بالنظام السوري ومتهمين بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
عقوبات الاتحاد الأوروبي
وفي مطلع العام 2012، وسّع الاتحاد الأوروبي نطاق عقوباته لتشمل قطاعات الطاقة والأسلحة والتمويل، فضلاً عن قطاع التعدين.
تزامن ذلك مع إصدار الولايات المتحدة أوامر تنفيذية في أبريل ومايو، أضافت عقوبات جديدة على الكيانات الأجنبية التي تحاول الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وفي يونيو من العام ذاته، انضمت دول أوروبية إلى العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، مما عزز من تأثيرها الدولي.
وفي السياق نفسه، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على تجارة السلع الفاخرة مع سوريا، إلى جانب تعزيز القيود على القطاعات الأمنية وتكنولوجيا الاتصالات.
كما تم تجميد أصول 120 شخصية ومؤسسة سورية، بما في ذلك الرئيس السابق بشار الأسد والبنك المركزي السوري، ومنعهم من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وفي مارس 2017، شهد مجلس الأمن الدولي محاولة لتمرير مشروع قرار يهدف إلى فرض عقوبات على النظام السوري بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنه قوبل برفض روسيا والصين باستخدام حق النقض (الفيتو).
وفي أبريل من نفس العام، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 270 موظفًا حكوميًا بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون.
ومع استمرار الأزمة، أعلن الاتحاد الأوروبي في مارس، آذار 2021 أن العقوبات ستظل قائمة إلى حين حدوث تحول سياسي في سوريا. وفي مايو 2022، مدّد الاتحاد هذه العقوبات لعام إضافي.
تخفيف جزئي للعقوبات
وفي فبراير 2023، وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، دعت المنظمات الإنسانية إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لتسهيل جهود الإغاثة.
واستجابةً لذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن رفع مؤقت لبعض العقوبات لمدة 180 يومًا، مؤكدة أن الإعفاءات تشمل جميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة الإنسانية. كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخفيف العقوبات لمدة ستة أشهر لتسريع جهود الإغاثة.
وفي مارس 2023، فرضت أوكرانيا عقوبات إضافية استهدفت 141 شركة و300 شخصية سورية بعد زيارة الأسد لموسكو ودعمه للحرب في أوكرانيا.
تضمنت العقوبات تجميد أصول الدولة السورية داخل أوكرانيا وقطع العلاقات الاقتصادية. بالتزامن مع ذلك، بدأت تركيا بتخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا، مشيرة إلى رغبتها في تطبيع العلاقات مع النظام السوري، في إطار محاولات لحل القضايا العالقة مثل الوضع في شمال سوريا.