بعد نجاحها في دعم المعارضة السورية وإسقاط نظام بشار الأسد، تتجه تركيا لتوسيع نفوذها في اليمن، مستغلة التحولات السياسية في المنطقة وشراكتها مع حزب الإصلاح اليمني الذراع السياسي لجماعة الاخوان الإرهابية.
هذا التوجه يعكس رؤية استراتيجية تركية للاستفادة من التوترات في المشهد اليمني وتعزيز موقعها كلاعب رئيسي في المنطقة.
وتعتمد أنقرة في اليمن على علاقة متينة مع قيادات بارزة في حزب الإصلاح، الذين يرون فيها شريكاً استراتيجياً.
ويتجلى هذا التوجه في تصريحات قيادات الحزب التي دعت مراراً إلى تعزيز التعاون مع تركيا، معتبرة إياها الحليف الأكثر قدرة على تقديم الدعم في ظل فشل التحالف العربي في تحقيق استقرار مستدام.
مجتمع الإخوان اليمني في تركيا
وبشكل عام، ازدهر مجتمع حزب الإصلاح في ضواحي إسطنبول، وأنشأ قاعدة صلبة بين الشتات اليمني. وكما هو الحال في اليمن، يحكم هيكل هرمي واضح المعالم أعضاء الحزب.
على سبيل المثال، يتم تعيين “مشرف” مسؤول عن الفروع والأعضاء في كل محافظة تركية يقيم فيها اليمنيون. فمدينة إسطنبول، على سبيل المثال، التي تستضيف أكبر جالية يمنية، مقسمة إلى مناطق، يقود كل منها مشرف مسؤول عن الأحياء داخل منطقته، وينظم الحزب اجتماعات منتظمة لأعضائه في تركيا.
وينظم الذراع الدعوي لحزب الإصلاح ندوات ودروساً دينية لليمنيين في المساجد والمنازل الخاصة، بعضها مخصص للنساء فقط.
وتشتمل معظم هذه الدروس على الفقه الإسلامي المتعلق بالعبادات والسلوك الشخصي، الذي يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من الهوية الدينية لحزب الإصلاح وتماسكه.
تحركات تركيا كلاعب أساسي
على الصعيد العملي، تبرز تركيا كلاعب إنساني في اليمن من خلال مؤسساتها الإغاثية مثل هيئة الإغاثة الإنسانية ومؤسسة “تيكا”، حيث تقدم مساعدات غذائية وطبية للمناطق المنكوبة.
ومع ذلك، فإن التحركات العسكرية المباشرة ما تزال غائبة، إذ تقتصر السياسة التركية في اليمن على تقديم الدعم الإنساني وتعزيز الشراكات السياسية مع أطراف محلية، دون الانخراط في تدخل عسكري مماثل لما حدث في سوريا وليبيا.
وفي الوقت ذاته، أصبحت تركيا محطة رئيسية لقيادات وأعضاء حزب الإصلاح الذين استقروا في إسطنبول، حيث أنشأ الحزب قاعدة تنظيمية قوية بين الجالية اليمنية، من خلال هيكل إداري هرمي يشرف على النشاطات الدينية والاجتماعية والسياسية.
تأتي هذه التطورات في وقت يعاني فيه حزب الإصلاح من انقسامات داخلية وضعف القيادة، مما يدفعه إلى الاعتماد أكثر على تركيا كداعم رئيسي.
وبينما تظهر أنقرة اهتمامًا متزايدًا باليمن، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرتها على تحقيق توازن بين أهدافها الإنسانية وطموحاتها السياسية في بلد يعاني من تعقيدات الصراع المستمر.
وأكد المحلل السياسي اليمني صهيب ناصر الحميري، أن التحركات التركية لتعزيز نفوذها في اليمن تأتي ضمن استراتيجية واضحة تستهدف ملء الفراغ الذي تركه التراجع النسبي لدور التحالف العربي في البلاد، تركيا ترى في حزب الإصلاح حليفاً طبيعياً يمكنها من خلاله التوسع في اليمن، مستغلة الانقسامات الداخلية وضعف القيادة داخل الحزب.
وأشار الحميري – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، أن التحالف بين أنقرة وحزب الإصلاح ليس جديدًا، لكنه بات يأخذ طابعاً أكثر وضوحاً مع تصاعد الدعوات داخل الحزب لتعزيز التعاون مع تركيا، مشدداً على أن أنقرة تدرك أهمية اليمن جغرافيًا وسياسيًا في سياق تحقيق أهدافها الإقليمية.