قبل اندلاع أحداث السابع من أكتوبر 2023، كانت التوازنات والتحالفات في الشرق الأوسط تبدو مستقرة إلى حد كبير؛ محور تقوده إيران يسعى للتوسع، وآخر بقيادة الولايات المتحدة يتشكل لمواجهة بكين وطهران معاً، فيما حافظت روسيا على وجودها في سوريا كمنطلق إستراتيجي تجاه حلف شمال الأطلسي.
ومع الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد بعد أكثر من خمسة عقود من حكم عائلته، تلقت إيران وروسيا ضربات قاسية، خاصة بعد تزامن ذلك مع تراجع قدرات “حزب الله” بفعل ضربات إسرائيلية متكررة.
واعتُبرت سوريا نقطة محورية في عقيدة التمدد الإيراني وشريكاً إستراتيجياً لموسكو، حيث استثمرت طهران موارد كبيرة لدعم الأسد، بينما استخدمتها روسيا كقاعدة عسكرية رئيسة.
من بين أبرز الخاسرين، تأتي إيران التي فقدت حلقة مركزية في شبكتها الإقليمية. وفق بن فيشمان، الباحث بمعهد واشنطن، فإن سقوط الأسد أضعف خطوط الإمداد العسكري إلى “حزب الله”، وألحق أضرارًا كبيرة بـ”إمبراطورية إيران الوكيلة”.
أما روسيا، فقد خسرت شريكًا طويل الأمد وموطئ قدم حيوي في المنطقة. وبحسب المحلل جوزيف إبستين، فإن سقوط الأسد أظهر محدودية قدرة موسكو وطهران على حماية حلفائهما.
لكنّ الأحداث الأخيرة تشير إلى أنّ تركيا ربّما أغمضت عينيها عن تقدّم الفصائل، بل وربما شجّعته بشكل غير مباشر، عبر ترتيبات مع موسكو.
ينقل المراقبون، أنّ الأتراك والروس سمحوا للفصائل بالاختراق وصولًا إلى دمشق، ضمن اتفاقيات ربما جرت خلف الأبواب المغلقة، وفي إطار إعادة هندسة المشهد السياسي بما يضمن مصالح الجميع.
أما الولايات المتحدة، فقد التزمت الصمت النسبي خلال الأيام الأخيرة، تاركة المشهد دون تدخل مباشر.. لكن مراقبين يرون أنّ واشنطن قدّمت ضمانات بعدم السماح بدخول تعزيزات خارجية لدعم النظام، بل وقطعت الطريق على أي إمدادات محتملة من الشرق أو عبر لبنان.
وبخصوص إسرائيل، فقد تحدّثت الصحف الإسرائيلية عن يوم “تاريخي”، إذ لطالما رأت في الأسد امتدادًا للنفوذ الإيراني في سوريا. وتم تسريب أنباء عن اتصالات إسرائيلية مع الأكراد في الشمال السوري، ما يوحي بأن تل أبيب تستعد لمرحلة ما بعد الأسد عبر نسج تحالفات مع أطراف محلية.