السيطرة الدولية على الموارد الطبيعية في سوريا تمثل محورًا حاسمًا للصراع المستقبلي على قطاع الطاقة، خاصة بعد أي تغيير محتمل في النظام السياسي.
وعقب تسليم المعارضة السورية الحكم بعد سقوط بشار الأسد، فإن مستقبل قطاع الطاقة سيخضع لتوازنات معقدة بين القوى الإقليمية والدولية التي تتنافس على النفوذ في هذا المجال الحيوي.
تمتلك سوريا احتياطيات هامة من النفط والغاز الطبيعي، إلى جانب موقع استراتيجي يجعلها ممرًا محوريًا لنقل الطاقة بين الشرق الأوسط وأوروبا، هذه الموارد لم تُستغل بشكل كامل خلال العقود الماضية بسبب العقوبات الدولية والحرب الأهلية.
لكنها قد تصبح محور اهتمام رئيسي بعد مرحلة انتقال السلطة.
في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى روسيا وإيران، اللتين استثمرتا بشكل كبير في دعم النظام السوري خلال السنوات الماضية.
الجانب الروسي
من المتوقع أن تسعى روسيا إلى الحفاظ على دورها المهيمن في قطاع الطاقة السوري، مستندة إلى عقود الاستثمار طويلة الأمد التي وقعتها مع الحكومة السورية في حقول النفط والغاز ومحطات الطاقة.
في الوقت نفسه، ستعمل موسكو على تأمين مصالحها الاستراتيجية، خاصةً في منطقة الساحل السوري، التي تضم قواعد عسكرية وموانئ تعد بوابة حيوية للصادرات الروسية.
الجانب الإيراني
إيران، من جهتها، تنظر إلى قطاع الطاقة السوري كجزء من مشروعها الأوسع للنفوذ الإقليمي، قد تحاول تعزيز دورها عبر السيطرة على البنية التحتية للطاقة وربطها بمشروع الممر البري الذي يربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق.
الطموح قد يواجه معارضة من الدول الغربية التي تدعم المعارضة السورية الجديدة، وكذلك دول الجوار التي ترى في النفوذ الإيراني تهديدًا مباشرًا.
في المقابل، قد تسعى المعارضة السورية إلى إعادة توجيه قطاع الطاقة نحو الشركات الغربية أو العربية، لتعزيز الدعم الدولي وإعادة بناء الاقتصاد.
لكن هذا المسار لن يكون سهلاً، إذ سيواجه تحديات داخلية تتمثل في استعادة السيطرة على الموارد التي تُسيطر عليها أطراف محلية مسلحة، إلى جانب التحديات الخارجية المرتبطة بالصراعات الإقليمية والدولية.
سيصبح قطاع الطاقة في سوريا بعد سقوط الأسد ورقة تفاوض مركزية في أي تسوية سياسية، حيث ستتنافس القوى الكبرى لضمان حصتها في إعادة الإعمار واستغلال الموارد.
هذا التنافس قد يفتح الباب أمام تغييرات جوهرية في الخريطة الاقتصادية والسياسية للمنطقة، مع احتمالات عالية لتصاعد التوترات الإقليمية إذا لم تُدار هذه العملية بحذر.
ويمثل سقوط نظام بشار الأسد حدثًا محوريًا ومفصليًا يفتح صفحة جديدة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط وما وراءها، ستتسم بتغيرات غير مسبوقة على المستويين الإقليمي والدولي.
وعبر سنوات عديدة، شكل نظام الأسد ركيزة أساسية للمشروع الجيوسياسي الإيراني، ليس فقط كحليف استراتيجي، بل كقاعدة عسكرية ولوجستية متقدمة للحرس الثوري الإيراني، تسهل له التوسع الإقليمي ودعم الميليشيات الموالية له في مناطق مختلفة من الشرق إلى شمال إفريقيا.
إن انهيار هذا النظام يعتبر ضربة موجعة لنفوذ إيران، حيث إن طهران استثمرت في سوريا لتأمين جسر بري يصلها بحزب الله في لبنان وتعزيز نفوذها عبر المنطقة وشمال إفريقيا.