الهدنة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم جاءت بعد تصعيد غير مسبوق، لكنها لم تنه التوترات العميقة بين الجانبين.
مع استمرار حزب الله في تعزيز وجوده العسكري جنوب لبنان، ورصد إسرائيل لأنشطة عسكرية متزايدة في المنطقة، يواجه الطرفان تحديات معقدة.
حزب الله يوازن بين الضغط الداخلي لتعزيز المقاومة والمخاوف من استنزافه في مواجهة مباشرة، بينما تسعى إسرائيل لتعزيز الردع العسكري دون إشعال حرب شاملة.
تهديدات إسرائيلية
وبشكل مباشر، مع تزايد الخروقات وتبادل الاتهامات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الثلاثاء: إنه إذا انهار وقف إطلاق النار مع حزب الله، فلن يفرّق الجيش بين لبنان والجماعة.
وحث كاتس خلال زيارة للحدود الشمالية، الحكومة اللبنانية على “تفويض الجيش اللبناني للقيام بدوره، وإبعاد حزب الله عن نهر الليطاني، وتفكيك بنيته التحتية بالكامل”.
وأضاف: “إذا انهار وقف إطلاق النار فلن يكون هناك أي استثناء للدولة اللبنانية. سننفذ الاتفاق بأقصى قدر من التأثير وعدم التسامح. إذا كنا حتى الآن نفرق بين لبنان وحزب الله، فلن يظل الوضع هكذا”.
وميدانيًا، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 6 أشخاص في غارة إسرائيلية على بلدة حاريص في محافظة جبل لبنان جنوبي البلاد.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأربعاء الماضي.
وإسرائيل، التي تواجه تحديات متزايدة من إيران وحلفائها، ترى في حزب الله تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. تعتمد استراتيجيتها على تعزيز الردع عبر الضربات الجوية والتلويح بخيارات عسكرية أوسع.
من ناحية أخرى، يستفيد حزب الله من حالة الشلل السياسي والاقتصادي في لبنان لتعزيز صورته كمدافع عن السيادة اللبنانية في مواجهة إسرائيل، بينما يستمر في تعزيز ترسانته الصاروخية.
على المستوى الداخلي اللبناني، يثير غياب توافق سياسي بشأن رئاسة الجمهورية مخاوف من استمرار الفراغ، وهو ما يعزز هشاشة الوضع الأمني.
تُظهر الأرقام الأخيرة تدهورًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث يعاني أكثر من 80% من السكان من الفقر، ما يزيد من احتمالية استخدام الحزب للقضايا الأمنية لتوجيه الانتباه بعيدًا عن الأزمات الداخلية.
على الصعيد الإقليمي، تعتبر الهدنة بمثابة اختبار لإمكانية احتواء التوترات في منطقة تتسم بالتشابك بين قوى دولية وإقليمية.
تشير تحليلات أن أي خرق للاتفاق قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق، خاصة في ظل تعاظم المخاطر المرتبطة بالصراع الإسرائيلي الإيراني.
يعزز هذا الوضع احتمالية تدخل أطراف دولية، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا، للحفاظ على الاستقرار النسبي.