تسببت الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل 2023 في أزمة إنسانية غير مسبوقة، طالت مختلف جوانب الحياة اليومية، وأثرت بشكل خاص على الأطفال والشباب الذين أصبحوا في قلب المأساة.
مع استمرار النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يواجه السودان خطر تكوين ما يعرف بـ”جيل ضائع” محروم من التعليم والاستقرار النفسي والاجتماعي، ما ينذر بعواقب كارثية على مستقبل البلاد.
أحد أكبر آثار الحرب هو الانهيار شبه الكامل للنظام التعليمي. تشير التقارير أن أكثر من 70% من المدارس في البلاد قد أغلقت أو تعرضت للدمار جراء القتال، بينما حرم ملايين الأطفال من الوصول إلى التعليم.
الوضع أكثر سوءًا في مناطق النزوح، حيث يعيش الأطفال في مخيمات مكتظة وغير مجهزة، دون أي فرص للالتحاق بالمدارس. حتى في المناطق التي لم تصلها المعارك بشكل مباشر، يعاني النظام التعليمي من نقص حاد في الموارد والمعلمين، مما يزيد من تدهور الوضع.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال والشباب في السودان تهديدات يومية تتجاوز نقص التعليم. النزوح القسري والانفصال عن العائلات خلقا جيلًا يعاني من انعدام الأمن والاستقرار.
الأطفال في هذه البيئات يواجهون مخاطر متعددة، منها التجنيد القسري في الجماعات المسلحة، وعمالة الأطفال، والزواج المبكر، مما يعمق من دائرة الفقر والتهميش.
الصحة النفسية للأطفال والشباب تمثل قضية أخرى مثيرة للقلق. الحرب أثرت بشكل كبير على حالتهم النفسية، حيث تشير التقارير إلى انتشار حالات الصدمة النفسية بين الأطفال بسبب مشاهد العنف وفقدان الأحبة؛ مما قد يترك آثارًا طويلة الأمد على حياتهم المستقبلية.
من ناحية أخرى، فإن استمرار النزاع يفاقم الشعور باليأس بين الشباب الذين يمثلون النسبة الأكبر من سكان السودان.
مع غياب التعليم والفرص الاقتصادية، يواجه هؤلاء خطر الانزلاق نحو التطرف أو الهجرة غير الشرعية، بحثًا عن مستقبل أفضل خارج البلاد.
تكوين هذا “الجيل الضائع” ليس مجرد مأساة إنسانية، بل يمثل تهديدًا طويل الأمد لاستقرار السودان.
غياب التعليم يعني نقصًا في القوى العاملة المؤهلة في المستقبل؛ مما يعيق أي جهود لإعادة الإعمار بعد الحرب.
كما أن جيلًا يعاني من انعدام الاستقرار النفسي والاجتماعي لن يكون قادرًا على بناء مجتمع متماسك أو قيادة عملية المصالحة الوطنية.
مع استمرار الحرب، تصبح الحاجة إلى تدخل عاجل أكثر إلحاحًا. يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التركيز على توفير التعليم في مخيمات النازحين، إلى جانب برامج دعم نفسي واجتماعي للأطفال والشباب.
كذلك، فإن وقف الحرب وإعادة الاستقرار هما المفتاح لتجنب خسارة جيل كامل ودفع السودان نحو مستقبل أفضل.