فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية يفتح الباب أمام تساؤلات حول إمكانية إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا وملف الأمن السيبراني.
هذا الملف الحساس ظل نقطة توتر كبيرة بين البلدين خلال السنوات الماضية، حيث تصاعدت الاتهامات المتبادلة بشأن هجمات سيبرانية استهدفت البنية التحتية والمؤسسات الحيوية لكل من الطرفين.
ترامب، المعروف بنهجه غير التقليدي ورغبته في تحسين العلاقات مع موسكو خلال ولايته الأولى، قد ينظر إلى ملف الأمن السيبراني كفرصة لإظهار نجاحاته الدبلوماسية في ولايته الجديدة.
رغم العقوبات التي فرضها الكونغرس على روسيا أثناء ولايته السابقة، فقد أبدى ترامب رغبة في تحقيق تقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي قد ينعكس في السعي نحو استئناف الحوار حول القضايا العالقة، بما في ذلك الهجمات السيبرانية.
الأمن السيبراني يشكل اليوم إحدى ساحات المواجهة بين القوى الكبرى، حيث تُستخدم الهجمات الإلكترونية كأداة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
الولايات المتحدة وروسيا هما من أبرز اللاعبين في هذا المجال، وقد ساهمت التوترات المتزايدة بينهما في تعقيد أي جهود للتعاون.
مع ذلك، قد يوفر فوز ترامب نافذة لإعادة التفكير في إمكانية التفاوض، خصوصًا في ظل استمرار التحديات المشتركة مثل التهديدات السيبرانية العابرة للحدود والجماعات الإجرامية الإلكترونية.
ترامب يميل إلى عقد صفقات سياسية قصيرة المدى تُظهر نجاحاته على الساحة الدولية.
ملف الأمن السيبراني قد يكون أحد الملفات التي يسعى لاستثمارها لتحقيق تقدم رمزي يعزز من صورته كرئيس قادر على إدارة الأزمات العالمية.
ومع ذلك، يظل هذا الهدف مرهونًا بتوفر الإرادة السياسية لدى الطرفين، بالنسبة لروسيا، قد تنظر إلى عودة ترامب كفرصة لتحقيق تخفيف نسبي للعقوبات، وهو ما قد يدفعها إلى إبداء مرونة في هذا الملف، لكن ذلك سيعتمد أيضًا على سياق العلاقات الأمريكية – الأوروبية والضغوط الداخلية في الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، عودة ترامب قد تصطدم بمعارضة داخلية شديدة، حيث تُعد روسيا في أوساط المؤسسات الأمريكية تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد.
الكونغرس، الذي يُسيطر عليه غالبًا توجهات معارضة للتقارب مع موسكو، قد يقيد أي محاولة لعقد اتفاقيات ملزمة مع روسيا.
كما أن انعدام الثقة المتبادل بين الطرفين قد يُعقّد أي جهود لبناء إطار تعاوني دائم بشأن الأمن السيبراني.
في ظل هذه التعقيدات، تبقى فرص استئناف الحوار الروسي- الأمريكي محدودة، لكنها ليست مستحيلة.
قد يشكل تصاعد التنافس مع الصين عاملاً محفزًا للتقارب المحسوب بين واشنطن وموسكو، حيث يمكن للطرفين إيجاد أرضية مشتركة في بعض الملفات، منها الأمن السيبراني، لتقليل التوترات وتعزيز الاستقرار النسبي في هذا المجال.