في أعقاب الحرب الأخيرة في قطاع غزة، ظهرت مؤشرات واضحة على استغلال جماعة الإخوان الإرهابية للقضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وتعزيز وجودها المتآكل في بعض الدول.
ومنذ تصاعد الأحداث، سعت الجماعة إلى توظيف الحرب الإسرائيلية على القطاع كذريعة لإعادة طرح نفسها كلاعب رئيسي في الساحة الإقليمية، مستغلة مشاعر التضامن العربي والإسلامي تجاه الشعب الفلسطيني.
تستند جماعة الإخوان، التي تعاني من تراجع شعبيتها، إلى استغلال الحروب والأزمات لتعزيز خطاباتها الشعبوية.
ومع تزايد الغارات الإسرائيلية على غزة وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، لجأت الجماعة إلى تنظيم تظاهرات وفعاليات في بعض العواصم، محاوِلةً ربط مصيرها بالقضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.
وحرصت قيادات الإخوان على استثمار الأجواء المشحونة لإعادة توجيه الأنظار بعيداً عن أزماتهم الداخلية، خاصة في دول تستضيف عناصرها، مثل تركيا.
إثارة الرأى العام المصري
كما لوحظ أن هناك محاولات عديدة لإثارة الرأي العام المصري من قبل الآلات الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية ضد الحكومة، مستخدمة الوضع المأساوي الذي يتعرض له أبناء فلسطين تحت القصف الإسرائيلي.
قد تنوعت تلك الوسائل والمحاولات بين الرسائل المضللة التي تحتوي على أكاذيب وشائعات حول موقف مصر من العدوان الإسرائيلي، وعدم مرور المساعدات المصرية، والتشويه المقصود للدولة ولأجهزتها السيادية، بزعم تعاونها مع إسرائيل، هذا إلى جانب ترويجها تصريحات صهيونية واستغلالها للإساءة للسلطات المصرية بزعم أنّها حقيقية.
وتسعى الجماعة حالياً إلى إحياء شبكات الدعم المالي القديمة بحجة دعم غزة، حيث تشير تقارير استخباراتية إلى محاولات لفتح قنوات جديدة لجمع الأموال تحت ذريعة “إعادة إعمار القطاع”.
إلا إن هذه التحركات ليست بعيدة عن الرقابة، فقد أصبحت الحكومات في المنطقة أكثر حذراً تجاه أنشطة الجماعة بعدما استغلت مثل هذه الأزمات في الماضي لتمويل أنشطتها التخريبية.
ومن اللافت أيضاً أن الجماعة حاولت توظيف التصعيد الأخير لإعادة بناء جسور التواصل مع الفصائل الفلسطينية، لكن مصادر مطلعة أكدت أن العديد من هذه الفصائل تدرك محاولات الإخوان لاستغلال الموقف لصالحها.
كما تُظهِر البيانات الرسمية الصادرة عن هذه الفصائل تحفظاً ملحوظاً على محاولات الإخوان الركوب على موجة التضامن.
بعد انتهاء الحرب، حاولت الجماعة استغلال هدوء الأوضاع النسبية في القطاع للإيحاء بأن جهودها في تعبئة الرأي العام أثمرت عن تراجع إسرائيل.
إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن تحركات الجماعة كانت مجرد شعارات فارغة لم تُترجم إلى أفعال ملموسة. فالجماعة، التي فقدت الكثير من قاعدتها الشعبية بعد سقوط حكمها في مصر، تسعى يائسة لإعادة توجيه الأنظار بعيداً عن فشلها السياسي وانقساماتها الداخلية.
ويقول الباحث السياسي في شؤون الجماعات الارعابية مصطفي حمزة، إن استراتيجيات الإخوان في التعامل مع الأزمات متكررة، التركيز على استغلال مشاعر الجماهير دون تقديم حلول واقعية.
لكن مع وعي الشعوب المتزايد بخطط الجماعة، أصبح من الصعب عليها تحقيق مكاسب كبيرة، حتى في ظل أحداث بحجم الحرب على غزة.
واضاف حمزة – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، أن رغم محاولاتها المتكررة، يبدو أن الجماعة تواجه صعوبة في استعادة النفوذ الذي فقدته في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة أنشطتها التخريبية.