ذات صلة

جمع

قرار الجنائية الدولية باعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف.. وسط ترحيب حماس ورفض إسرائيلي أمريكي

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الخميس، أنها أصدرت أوامر...

هل تشهد إسرائيل حربًا أهلية بسبب غزة ولبنان؟.. مخاوف داخلية غير مسبوقة

تفاقمت الأزمات والانقسامات الداخلية في إسرائيل منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، بسبب التوترات السياسية والمجتمعية التي تصاعدت مع الأحداث العسكرية، منها السيطرة على السلطة القضائية والتعامل مع المتظاهرين المعارضين للسياسات الحكومية، لذا فمع استمرار المواجهات العسكرية وزيادة الخلافات بين الفصائل المجتمعية، صعدت المخاوف تطور ذلك إلى نزاع داخلي، وربما إلى حرب أهلية بين الإسرائيليين أنفسهم.

وهو ما تنبأ به ديفيد أوهانا، في مقاله بصحيفة “هآرتس”، حيث استشهد في بدايته بقصيدة للشاعر الإسرائيلي حاييم غوري بعنوان “أنا حرب أهلية”، وصف فيها الشاعر الصراع الداخلي الذي يشبه الحروب الأهلية.

ويرى الكاتب أن الهوية اليهودية المشتركة بين الإسرائيليين تتعرض لتصدعات كبيرة في الفترة ما بين رأس السنة العبرية الماضية ورأسها الحالي، وعبّر عن تخوّف العديد من الإسرائيليين من أن الاحتجاجات ضد الحكومة قد تؤدي في النهاية إلى تمرد مدني وربما حتى حرب أهلية، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل مجموعتين من المواطنين تقفان على جانبي الصراع: مجموعة تسعى لتغيير النظام الديمقراطي من جذوره، ومجموعة تعارض ذلك.

وقال إن هذا الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي قد يُؤدي إلى تصعيد محتمل نحو حرب أهلية، خاصة إذا شعرت مجموعة معينة أن الحكومة لا تتعامل بشكل صحيح مع المظاهرات.

كما لفت أوهانا إلى أن هناك مراحل تسبق الحرب الأهلية، مثل العصيان المدني الذي يعدّ نوعًا من الاحتجاج السلمي داخل حدود الديمقراطية، والتمرد المدني الذي قد يُؤدي إلى استخدام العنف ضد الحكومة؛ حيث يستخدم بعض المستوطنين هذا النوع من التمرد في دعوتهم لتدمير المحكمة العليا.

وتساءل عما إذا كانت الحرب في الشمال قد تؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات المقررة لعام 2026، وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى احتجاجات عنيفة، لافتًا إلى أن الحروب الأهلية ليست فقط ضد الحكومة، بل بين أجزاء مختلفة من الشعب على السلطة.

واستشهد بحروب أهلية من التاريخ الحديث مثل الحرب الأهلية الأمريكية والحرب الأهلية الإسبانية، وأشار إلى أن الفاشية لا تظهر فجأة، بل تتطور عبر مراحل، مستشهدًا بما يحدث حاليًا في إسرائيل من تسييس الشرطة وتشكيل ميليشيات في الضفة الغربية.

وسلط الكاتب الضوء على اختراق المتظاهرين قاعدة “سدي تيمان” العسكرية، وتطرق إلى الدعاية التي وصفها بـ”الغوبلزية” لمؤيدي الحكومة.
ولفت أوهانا إلى المشاهد المشابهة للاحتجاجات الفاشية في أوروبا، والتي انتهت بإحراق منازل المهاجرين، موضحًا أنها بدأت بالظهور أيضًا في إسرائيل، حيث أحرق شباب المستوطنين منازل العرب، في حين لم تتخذ السلطات أي خطوات فعلية لاعتقال المسؤولين عن هذه الجرائم.

وأبدى قلقه من احتمال أن يستغل النظام الحالي هذه الأزمات لفرض قوانين طوارئ وتأجيل الانتخابات المقبلة في عام 2026. وتساءل عما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى احتجاجات عنيفة من قبل المعسكر الليبرالي؛ حيث يرى البعض أن إسرائيل قد تعيد تكرار أخطاء الفاشية الأوروبية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

واستنتج أوهانا مما سبق أن إسرائيل تواجه تحديات خطيرة بسبب الحرب المستمرة في غزة، حيث بدأت تظهر علامات على تحولها إلى “دولة ثكنة”، أي تعتمد في هويتها على العسكرة والحروب.

كما لفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تحث المواطنين على الاستمرار في التضحية والسعي لتحقيق “نصر مطلق” رغم الخسائر الفادحة، مشيرًا إلى أن هذا النهج قد يؤدي إلى تكرار ما حدث في ألمانيا في عام 1933، حيث تحول المجتمع إلى “مجتمع نضال”، وكانت النتيجة تعزيز إيمان الألمان بأنهم يحققون أهدافهم من خلال الحرب والتضحية، رغم اقتراب الهزيمة.

ورغم الخطر الواضح لاندلاع حرب أهلية، وفقًا لأوهانا، فإنه ذكر أن ثمة كذلك شعورا بالأخوة بين أفراد المجتمع الإسرائيلي قد يمنع هذا الصراع، إذ في نهاية المطاف يتقاسم الجميع روابط مشتركة تتعلق بالتاريخ والقيم.

وبحسب الكاتب، فهذا ليس مجرد نقاش شكلي حول النظام الديمقراطي أو الفاشي، بل هو انقسام جوهري يعكس صراعًا وجوديًا بين رؤيتين متناقضتين للحياة والتاريخ، مضيفًا أن حاييم غوري قد يكون قصد في سطوره الخالدة “هناك يطلق الصالحون النار على الصالحين الآخرين” أن يعبر عن هذا الصراع الوجودي بين رؤيتين متناقضتين لا يمكن التوفيق بينهما.

spot_img