ذات صلة

جمع

القصف الإسرائيلي في بيروت يعقد الجهود الدولية لوقف إطلاق النار

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت تصعيدًا جديدًا بعد تنفيذ إسرائيل...

ما الذي يمنع إسرائيل وإيران من الدخول في حرب أكبر؟

‏مرّ ما يقرب من شهر منذ إرسال إسرائيل أكثر...

الفاشر في قلب الصراع.. كيف يؤثر عمقها الإستراتيجي على احتدام القتال في السودان؟

يشكل الصراع في الفاشر جزءًا من تعقيد أكبر للصراع في السودان ككل، حيث تحاول القوى الإقليمية والدولية التوسط لوقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي دائم. ومع ذلك، فإن غياب الإرادة السياسية لدى الأطراف المحلية، إلى جانب الأجندات الخارجية، يؤدي إلى تعقيد جهود السلام. كما أن التدخلات من قبل بعض الفاعلين الإقليميين قد تؤدي إلى تفاقم الصراع بدلاً من حله.

وتشهد الفاشر تصاعدًا مقلقًا في وتيرة القتال خلال الأشهر الأخيرة، حيث تعتبر الفاشر مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا في إقليم دارفور، لكنها تحولت مؤخرًا إلى ساحة لصراعات مسلحة متجددة بين فصائل متناحرة، خلفية الصراع في الفاشر ليست وليدة اللحظة، بل هي جزء من تاريخ طويل من النزاعات القبلية والإثنية التي اجتاحت الإقليم.

وللشهر الرابع على التوالي، يحتدم القتال العنيف في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وآخر مدن الإقليم التي ما يزال للجيش تواجد فيها بعد سيطرة الدعم السريع على أكثر من 90 بالمئة من مناطق الإقليم، فما هي أهمية الإقليم وكيف يمكن أن تغير السيطرة عليه من موازين الحرب السودانية المستمرة منذ نحو عام ونصف؟

أهمية إقليم دارفور تكمن في أنه يشكل العمق الإستراتيجي الداخلي والخارجي للسودان، إذ يرتبط الإقليم بحدود مباشرة مع 4 دول، كما أن السيطرة عليه تعني من الناحية العسكرية التحكم في خط الدفاع الغربي الأول لمجمل مناطق السودان، بما فيها ولايات كردفان والشمالية ونهر النيل.

التعقيدات الإثنية والأمنية والسياسية المحلية والإقليمية المرتبطة به، فإن إقليم دارفور يعتبر موطنا مهما لاحتياطيات ضخمة من الموارد والثروات الطبيعية، وظلت الأوضاع الأمنية الملتهبة في دارفور تهيمن على اهتمام العالم، وسط مخاوف من تزايد الهجرة غير النظامية وتهريب الأسلحة في المنطقة الحدودية التي تضم عدد من البلدان الهشة والتي تشير تقارير إلى انتشار أكثر من 6 ملايين قطعة سلاح غير شرعية فيها تحملها جماعات إرهابية خارجة عن سلطات حكوماتها.

القتال في الفاشر لم يؤثر فقط على الوضع السياسي، بل كانت له عواقب وخيمة على المدنيين، حيث نزح آلاف الأشخاص من منازلهم بسبب الاشتباكات، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، المناطق المتضررة تعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الصحية، ما يزيد من معاناة السكان الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين الميليشيات المتقاتلة، وتتعرض هذه المناطق لأعمال نهب وانتقام متكررة، مما يجعل الوضع أكثر صعوبة.

يكتسب إقليم دارفور أهمية جيوسياسية كبيرة نظرًا لمساحته الشاسعة وارتباطه حدوديا بأربع بلدان في المنطقة، إضافة إلى ثقله السكاني والاقتصادي الكبير، يتمدد إقليم دارفور في أكثر من ربع مساحة البلاد، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 493 ألف كيلومتر مربع، تقدر نسبة سكان الإقليم بنحو 17 بالمئة من إجمالي تعداد سكان السودان البالغ نحو 48 مليون نسمة.

يشير مراقبون إلى ان سيطرت الدعم السريع على الفاشر ستمكنه من التحكم في كافة مناطق إقليم دارفور وبالتالي تأمين الإمدادات العسكرية واللوجستية بسهولة أكبر والدفع بتعزيزات إلى خارج الإقليم، وحسم السيطرة على كردفان، إضافة إلى ولايتي الشمالية ونهر النيل.

أما إذا كسب الجيش والحركات المتحالفة معه المدينة فسيكون بمقدورهم التحرك لاستعادة مدن شمال دارفور و أيضا الولايات الأربع الأخرى بالإقليم، وقطع مصدر الامداد البشري واللوجستي الكبير للدعم السريع، كما سيكون بمقدور الحركات التي تقاتل إلى جانب الجيش الانفتاح خارج الإقليم شرقا والمساهمة في تامين ولايتي الشمالية ونهر النيل و ربما التحرك لنجدة الجيش فى العاصمة الخرطوم.

spot_img