يعاني الشرق الأوسط من أزمات عديدة متزايدة، لذا كان من الصعب عدم اكتشاف نبرة اليأس من أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي في زيارته التاسعة إلى المنطقة منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عشرة أشهر، حيث أصر على أن الجولة الأخيرة من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس هي “لحظة حاسمة” و”ربما تكون الفرصة الأفضل، وربما الأخيرة” للتوصل إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وفي تقرير لمجلة “إيكونوميست”، أشارت إلى أنه مع ذلك لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن. وفي خضم زيارته أصدرت إيران تهديدًا آخر بشن هجوم مباشر على إسرائيل، والتي “يجب أن تنتظر ضربات محسوبة ودقيقة”. لكن النظام الديني يبدو غير متأكد من جدولها الزمني أيضًا.
يتضمن الاقتراح أولاً وقفًا لمدة ستة أسابيع للقتال في غزة، حيث سيتم إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين مقابل عدد أكبر بكثير من السجناء الفلسطينيين. وخلال الهدنة، ستُعقد محادثات أخرى حول وقف إطلاق النار الكامل وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. وهناك أيضًا مرحلة ثالثة تتضمن خططًا لإعادة بناء الجيب المدمر، لكن قِلة من الناس يفكرون في ذلك في المستقبل البعيد.
ربما قبل نتنياهو الاقتراح الأميركي سراً، لكنه في العلن ما يزال متردداً في إثارة عداوة الأحزاب اليمينية المتطرفة في ائتلافه والتي تتحكم في مصيره السياسي. وهم يعارضون بشدة إنهاء الحرب في حين ما تزال حماس تسيطر على أجزاء من غزة، وهددوا بإسقاط الحكومة إذا تم التوصل إلى مثل هذه الصفقة.
بينما إسرائيل تعتبر وجود قواتها في ممر “فيلادلفيا”، وهو شريط من الأرض على طول الحدود بين غزة ومصر، قضية مهمة. ويصر نتنياهو على أن هذا أمر حيوي لمنع تهريب الأسلحة الذي من شأنه أن يسمح لحماس بإعادة التسلح بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار.
لكن الجنرالات الإسرائيليين يختلفون معه. فهم يزعمون أنه يمكنهم بالتعاون مع مصر إنشاء آلية مراقبة للحدود لا تتطلب وجود قوات. وربما يعكس الاقتراح الأميركي الخاص بإقامة الجسور هذا، حيث يتطلب من إسرائيل الانسحاب مع الاحتفاظ بحق المراقبة.
ومن غير الواضح ما إذا كان هذا من شأنه أن يرضي نتنياهو. وهناك نقطة خلاف أخرى تتمثل في مطلب إسرائيل بمنع أعضاء حماس المسلحين من العودة إلى شمال غزة.
حتى لو أن إسرائيل قد قبلت بالفعل الخطة الأميركية، فإن حماس ما تزال بحاجة إلى إقناع. وتقول الحركة إنها “حريصة” على التوصل إلى اتفاق ولكنها رفضت حتى الآن الاقتراح الأميركي، زاعمة أنه يتضمن شروطاً جديدة حددتها إسرائيل ولا يضمن وقف إطلاق النار الكامل أو الانسحاب الإسرائيلي بعد الهدنة الأولية.
وقد يوفر وقف إطلاق النار في غزة لجميع الأطراف ذريعة لتجنب حرب إقليمية. قد تزعم إسرائيل أن أهدافها الرئيسية قد تحققت في غزة، وقد يتفاخر فصيل حماس بالبقاء، وقد تزعم إيران ووكلاؤها أن تكتيكاتهم التخويفية أجبرت إسرائيل على التنازل.
واعتبرت إيكونوميست، أن القرار النهائي ما يزال في أيدي نتنياهو والسنوار. وبالنسبة لكليهما، فإن بقاءهما الشخصي والسياسي يأتي في المقام الأول.