رغم تهديدات ووعود إيران بالرد على اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، نهاية الشهر الماضي، إلا أن الأزمات والخلافات منذ ذلك الوقت تسللت إلى ميلشيات وأذرع إيران بالمنطقة.
ويرجع ذلك الخلاف إلى دراسة سلطات إيران هذا الرد بتأنٍّ بحيث لا يأتي بأضرار جسيمة عليها، ولكن الميليشيات التي أنشأتها على مدى سنوات ودعمتها عسكرياً، في العراق أو اليمن أو لبنان، رفضت ذلك حيث يتواجه حزب الله منذ تفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر بشكل شبه يومي مع القوات الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي تدرس فيه طهران كيفية ضرب إسرائيل بالقدر الكافي لترسيخ قوة الردع دون تشجيع عمل انتقامي ضخم، يبدو أن المصالح المتنوعة لمختلف الميليشيات المتحالفة معها، يمكن أن تؤدي إلى تعقيد الأمور، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، اليوم الثلاثاء.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الميليشيات العراقية فضلاً عن جماعة الحوثي متلهفة لتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية والهجمات، بينما تتردد طهران محاولة لجم جماحها.
وتزامنًا مع ذلك، أخبر الرئيس السوري بشار الأسد، إيران أنه لا يريد الانجرار إلى الحرب، وفق مسؤول أمني أوروبي وآخر سوري، لاسيما أن دمشق تواجه أزمة اقتصادية ناجمة عن سنوات من العقوبات أدت إلى احتجاجات واستياء بين شرائح كبيرة من سكانها.
فيما يبدو أن الميليشيات في العراق والحوثي يتلهفون لاتباع نهج أكثر عدوانية، ليس فقط تجاه إسرائيل ولكن تجاه القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة أيضًا والمصالح الغربية الأخرى، ما يزعج طهران.
كما ترغب ميلشيات الحوثي في تنفيذ هجمات واسعة النطاق على السفن الحربية الأميركية والموانئ الإسرائيلية، ليس فقط انتقامًا لمقتل هنية، ولكن أيضًا ردًا على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت ميناء الحديدة الشهر الماضي، وفق ما أكد مسؤولون حوثيون وأوروبيون.
ولا يختلف الأمر بالنسبة للميليشيات العراقية التي تسعى إلى مهاجمة القواعد الأميركية في العراق وسوريا، سعياً لطردها من المنطقة.
أما حزب الله فقد أكد بدوره أن الرد على اغتيال إسرائيل القيادي الرفيع في صفوفه فؤاد شكر، أواخر الشهر الماضي أيضًا، آت لا محالة.
أمام هذا التهور والتلهف تبدو القيادة في إيران أكثر حذراً، وكذلك حزب الله أيضاً، لاسيما أن البلاد تعيش وضعاً اقتصادياً صعباً.
ويرى العديد من المراقبين أن طهران لطالما اعتمدت على أذرعها في المنطقة من أجل تنفيذ أجنداتها المختلفة، وقد لا يختلف الوضع كثيراً في الوقت الحالي.
وتم اغتيال هنية في 31 يوليو الماضي وشكر قبله بساعات، لتعيش المنطقة على وقع توتر متصاعد بشكل غير مسبوق، وسط تأهب إسرائيلي من جهة، وإيراني من جهة أخرى، بينما حثت الولايات المتحدة الطرفين على التهدئة، متعهدة في الوقت عينه بالدفاع عن حليفتها إسرائيل بوجه أي اعتداء أو هجوم إيراني، دافعة بالمزيد من المقاتلات والسفن الحربية إلى المنطقة.