يستعد العراق بصورة جدية لتحسين قدراته التسليحية عبر الجهود الوطنية وتقديم الدعم إلى مصانع السلاح العراقي لتعود إلى سابق عهدها في القرن الماضي، إذ يواجه تحديات عديدة في هذا الشأن، خاصة لمكافحة الإرهاب وتعزيز أمن حدوده وتقوية دفاعاته الجوية.
بدأت أولى مساعي ذلك الهدف في عام 2015، أعاد العراق بصورة محدودة جدًا العمل على تطوير صناعته الحربية في ظل خوضه حربًا ضد “داعش” الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد عام 2014، عبر تأسيس شركة الصناعات الحربية التي اتخذت مجددًا من المنطقة الصناعية في الإسكندرية (40 كيلومتراً جنوب بغداد) مقراً لها.
وتمكنت من صناعة صاروخ “اليقين” قصير المدى وقنابل طائرات “السوخوي” وقاعدة الراجمات الأنبوبية بكميات محدودة، فضلاً عن صيانة المعدات العسكرية، لتتوسع إلى صناعات أخرى تشمل الطائرات المسيرة، فيما تعتزم الهيئة تنمية صناعة السلاح وتوسيع مصانعها لتكون قادرة على تأمين متطلبات القوات الأمنية العراقية، وفقا لصحيفة الاندبندنت البريطانية.
ومنذ سبتمبر 2019 بدأ العراق أولى خطواته الجدية لاستعادة العمل في صناعته العسكرية بعد مصادقة البرلمان على قانون هيئة الصناعات الحربية عقب إلغائها عام 2003 من قبل الحاكم المدني للعراق بول بريمر.
وتسعى هيئة الصناعات الحربية للنهوض بهذه المصانع من جديد بالتعاون مع شركات السلاح العالمية من خلال استقدام مصانع متخصصة من دول معروفة بالصناعات العسكرية، وقد استقدمت بالفعل عدداً من المصانع بمساعدة دول عدة ولعل آخرها الاستعانة بشركات تركية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أهمية تلك الخطوة لتحقيق السيادة، فيما ألزم الوزارات الأمنية والمدنية باقتناء منتجات الهيئة، وقال السوداني خلال افتتاحه عدد من مصانع الإنتاج الحربي ومعامل التأهيل في شركة الصناعات الحربية العامة، ضمن المجمع الصناعي التابع لهيئة التصنيع الحربي جنوب بغداد، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، إنه “منذ إقرار قانون هيئة التصنيع الحربي رقم (25 لسنة 2019)، تشهد الهيئة انطلاق مجموعة من المصانع ووضع حجر الأساس لمصانع أخرى، إذ نقف أمام ما يقارب 12 مصنعًا، بعضها سيكتمل نهاية هذا العام، وذلك ضمن برنامج الحكومة التنموي”.
ووجه السوداني “الوزارات الأمنية باعتماد منتجات هيئة التصنيع الحربي في تلبية حاجاتها”، ووجه أيضًا وزارة الدفاع بإعادة النظر بجميع اللجان المعنية بالتعاقدات التسليحية، وأن تقدم هيئة التصنيع الحربي موقفًا بهذا الشأن خلال “أسبوع واحد”.
وتابع: “اليوم نؤسس لصناعة عسكرية تؤمن السيادة ومتطلبات أجهزتنا الأمنية”، مشيرًا إلى أن التحديات تبقى حاضرة سواء في خلايا نائمة ضمن الفكر المتطرف، أو التحديات الأمنية على الحدود العراقية.
وأكد متخصصين في الشأن الأمني أن يلاء الاهتمام بالصناعة العسكرية يحتاج إلى موازنة ضخمة وخبرات دولية كبيرة وسوق لتصريف السلاح، حيث يرى مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية إلى حاجة العراق لأموال بأرقام كبيرة لإنشاء مصانع السلاح، فيما أكد إمكانية الاستفادة من الخبرة التركية في هذا المجال.
وقال عبدالحميد: “تركيا سبقتنا في مجال صناعة الطائرات المسيرة والدروع ولديهم أسلحة حديثة جداً مثل الفرقاطات والسفن الحربية”، مشيرًا إلى أن النظام السابق كان يعتمد على شركات إيطالية وروسية في صناعة سلاحه الخفيف والمتوسط والثقيل إضافة إلى صناعة الذخائر، وأن العراق يحتاج إلى تقنيات مهمة في وقت أن خبرتنا قديمة وتحتاج إلى تطوير.
وبحسب مسؤولين عسكريين، يجب أن يحافظ العراق على سيادته من خلال تطوير الأسلحة الوطنية
ويعتبر استقدام مصانع أسلحة والاستعانة بعدد من الدول مثل تركيا التي تعد دولة متطورة في صناعة السلاح لا سيما الطائرات المسيرة من فئة “بيرقدار 1 و2”.
واعتبر عبدالحميد أن “خطاب رئيس الوزراء حماسي، إلا أن التخطيط يجب أن يكون مدروساً باعتبار أننا لا نملك المواد الأولية لصناعة السلاح، وأن ذلك يحتاج أيضاً إلى تخصيص موازنة ضخمة”.
ولفت عبدالحميد إلى أن البلاد تعاني مشكلات متعددة منها الكهرباء وبناء بنيته الحربية، كما أنه من الضروري أن تكون مصانع السلاح بعيدة من المدن، موضحًا أن العراق غير قادر على صناعة كل أنواع السلاح، فهناك دول تخصصت بمجال محدد من السلاح، متسائلاً: هل يخطط العراق لتصدير هذه الأسلحة أم إنها تقتصر على خزنها داخل المستودعات؟
وعن نوعية الأسلحة التي يحتاج إليها العراق حاليًا، فبيَّن عبدالحميد أن العراق يحتاج إلى حماية حدوده، وهناك أسلحة يجب أن يقتنيها مثل الطائرات المسيرة والعجلات المدرعة ذات السرعات الفائقة، وكذلك حماية مياهه من خلال إنشاء أسطول بحري حديث وتكوين قوة بحرية مكونة من الزوارق المتوسطة لحماية موانئه على الخليج والزوارق الصغيرة لحماية الأنهار من تسلل الإرهابيين.
فيما رجح مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل باستعانة العراق بشركات السلاح الأميركية لتطوير مصانعه، وقال: “أنفق العراق على الجيش موازنات ضخمة وما يزال يحتاج إلى تطوير صنوفه مثل القوة الجوية ومنظومة الرادارات والرصد الجوي والدفاع الجوي الصاروخي بجميع أنواعه أرض -جو وجو- جو، إضافة إلى صواريخ أرض – أرض، وهذا من واجب المتخصصين في الدفاع الجوي في دراسة حاجات الجيش العراقي الدفاعية”.