سنوات من الحياة في الظلام، منذ تأسيس جماعة الإخوان الإرهابية على يد حسن البنا في 1928، بدأت الجماعة في اتباع استراتيجية الانتشار والعمل في الخفاء إلى أن جاء الدور الأهم في حياتهم وهو حكم عدد من الدول العربية، إلا أن الشعوب العربية لم تستحمل طويلاً لما قامت به الجماعة.
وبعد أن فقد الإخوان جاذبيتهم وقوتهم في المنطقة العربية، وضربهم في دول الملاذ الآمن مثل تركيا، بات على قادتهم الخوف من فقدان حاضنتهم البديلة داخل بعض الدول الأوروبية، وفي مقدمتها بريطانيا، حيث أنشأت الجماعة شبكة واسعة ومنظمة بصورة محكمة من الجمعيات الخيرية والمساجد والمشاريع الاقتصادية، التي تستعين بها لإرضاء الحكومة البريطانية.
الإجراءات المرتقبة في بريطانيا قد تضع العديد من المنظمات التابعة للإخوان في ضوء التعريف الجديد للتطرف بخطوات لتقويض هياكلها ومنابع تمويلها، قد تكون شبيهة بتلك التي تعرضت لها في مصر وبعض الدول العربية، لأن ما تشكله من خطر على المجتمع البريطاني ربما لا يقل خطورة عما شكلته على بعض المجتمعات العربية.
أفراد الجماعة ممن يتمتعون منذ سنوات بامتيازات كبيرة في بريطانيا، يتحسبون من تقرير حكومي يصدر قبل نهاية شهر مارس الجاري، يحدد التهديدات التي يتعرض لها التماسك الاجتماعي في المملكة المتحدة، وقد يتضمن حظر العديد من المنظمات، ما يقيد فرص قادتها في الحصول على تمويلات مختلفة، ومقابلة المسؤولين وحضور المناسبات الحكومية.
وتستعد منظمات إسلامية، وعلى رأسها المجلس الإسلامي في بريطانيا، لتقديم طلب للحكومة للمراجعة القضائية بشأن تعريفها الجديد للتطرف، حيث بات يشمل كل “ترويج أو تعزيز للأيديولوجيات القائمة على العنف أو الكراهية أو التعصب، الهادفة إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج”.
وتتحالف جماعات ومنظمات قريبة من جماعة الإخوان في بريطانيا، رغم الدوافع التنافسية بينها، وتنسق معاً ضد تدابير مكافحة التطرف والإرهاب.
ويبدو أن خطة المنظمات التابعة للإخوان في التعامل مع الإجراءات الجديدة لن تختلف عن سابقتها من خلال تكثيف الدعاية ضد تدابير مكافحة التطرف، بوصفها جزءًا لا يتجزأ من كراهية الإسلام، وهي قيمة تكتسب دلالة العنصرية في العديد من الأوساط السياسية.
وسعت جماعة الإخوان للهيمنة على دول في الشرق الأوسط عبر الزعم بأنّها الممثلة الحقيقية للمسلمين والمعبرة عن الإسلام، وقدمت نفسها في بريطانيا كوسيط رسمي للربط بين المسلمين البريطانيين وتمثيلهم في المحافل العامة ولدى الدوائر الحكومية، والتعويل على الدعم الخارجي.
ويؤكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد، أن القرار البريطاني بوضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب هو خطوة متأخرة جدًا، خاصة بعد التطورات التي شهدتها بريطانيا عام 2015، كانت هناك مراجعات لوضع جماعة الإخوان، ومنذ عام 2015 وإلى حد الآن لم يتم اتخاذ هذا القرار.
وأضاف عيد – في تصريحات خاصة-، إن توقيت اتخاذ القرار صعب، وهو بالتزامن مع حرب غزة، فكل من بريطانيا وبقية دول أوروبا تواجه تحديات مع خروج المظاهرات المؤيدة لحركة حماس، وهو ما تستغله جماعة الإخوان، ولكن وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرف، فإن القرار “خطوة براغماتية وغير جادة من الحكومة البريطانية”.