السودان منذ 9 أشهر يعاني من حرب مدمرة ما بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش السوداني بقيادة البرهان بدأت في منتصف أبريل من العام الماضي وخلفت وراءها المزيد من القتلى والجرحى، ومع فتح ملف المفاوضات بات إنهاء الحرب واقعا لا بد منه مؤخراً.
ومع بداية العام الجديد 2024، صاحب اللقاء الذي اقترحته مجموعة دول الإيجاد، والذي كان مقررا عقده في نهاية العام الماضي، بين قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان حميدتي، ربكة كبيرة، وأحداث متلاحقة ومفاجئة، فبعد أن أرسلت إيجاد دعوات إلى البرهان وحميدتي لعقد اللقاء، ووافق الطرفان أجلته وزارة الخارجية الجيبوتية، وهي الرئيس الحالي للمنظمة، وقالت في بيان: إن “أسبابا فنية حالت دون انعقاد اللقاء الذي كان مقررا بين الطرفين”.
ولم تكن محاولة الإيجاد للجمع بين البرهان وحميدتي إلا واحدة من سلسلة محاولات سابقة لوقف إطلاق النار في السودان. وتوسطت السعودية والولايات المتحدة الأميركية في مفاوضات استضافتها مدينة جدة الساحلية، وتوصل الطرفان فعلا إلى العديد من الهدن واتفاقيات وقف لإطلاق النار في أكثر من جولة تفاوض، لكنها لم تصمد وسرعان ما عاد الطرفان إلى القتال وسط تبادل للاتهامات بينهما بخرق التعهدات.
بينما قال رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، إنه خاطب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لحثه على قبول طلب الاجتماع المباشر مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم، وأضاف في بيان له أنه حثه على قبول طلب الاجتماع لاغتنام الفرصة التي لاحت لإيقاف الحرب والتي تم التعبير عنها في إعلان أديس أبابا الموقع بين “تقدم” وقوات الدعم السريع والذي أبدت فيه قوات الدعم السريع استعدادها التام لوقف غير مشروط للعدائيات عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة، وأكد عبد الله حمدوك قائلا: “هذه الفرصة للسلام يجب ألا نضيعها، وأن نعمل وسعنا لوقف الحرب وبناء سلام مستدام في بلادنا الحبيبة”.
وتابع: “إننا نمد أيادينا نظيفة من غير سوء للوصول لحل سلمي تفاوضي، ونأمل أن تستجيب الأطراف المتقاتلة لذلك حتى نرفع المعاناة عن كاهل شعبنا ونبني وطننا على أساس جديد يجعل حرب 15 أبريل آخر حروب السودان، ليعقبها سلام مستدام”.
ويقول المحلل السياسي السوداني محمد إلياس: إن ما يقوم به رئيس الوزراء السوداني السابق حمدوك هو نجاح كبير في المفاوضات، في ظل دخول الحرب لشهرها العاشر مع تزايد وتصاعد حدة الحرب، وهو ما يكون واضحاً في مفاوضات تحدث في أديس أبابا حضرها قائد الدعم السريع حميدتي ولم يحضرها حتى الآن البرهان.
وأضاف إلياس في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: أن البرهان قد أكد أن الجيش سيظل متماسكا وقويا وصمام أمان، وذلك يدل على أن البرهان لن يقود المفاوضات إلا في حالة النجاح لإصراره على التمسك بالمعارك لحسم الصراع، لكنه في نفس الوقت شدد على المضي قدما في العملية التفاوضية، وقال: “لن نوقع اتفاق سلام فيه مهانة وذل للقوات المسلحة والشعب السوداني”.