ميليشيا الحوثي تقوم بالقرصنة في البحر الأحمر بذريعة نصرة فلسطين وقطاع غزة بعد الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، حيث طالت شظايا استهداف الحوثيين السفن التجارية في البحر الأحمر، مع تغيير شركات شحن عالمية مسار رحلاتها، وما استتبع ذلك من زيادة مسافة ومدة وكلفة الشحن.
ومع تهديدات الحوثي بأنهم يستهدفون السفن التي تمر نحو إسرائيل إلا أن ما يحدث كان هجوماً على أغلب السفن في البحر الأحمر، مما تسبب في إلحاق الضرر بدول العالم، كون البحر الأحمر يشكل أحد الشرايين الرئيسية للتجارة العالمية.
واختيار شركات الشحن العالمية اعتماد طريق رأس رجاء الصالح، أي الالتفاف حول إفريقيا للوصول إلى مقصدها النهائي، نتيجة الخطر الحوثي على السفن، مما يشكل كارثة على المصدرين في العالم، وعبور خط الإبحار الجديد الذي فرض على شركات الملاحة يستغرق أياماً بدلاً من ساعات، مما يعني زيادة بعدد أيام الرحلة وزيادة كميات استهلاك الوقود الإضافية والكلفة الإجمالية للرحلة، في حين فرضت شركات التأمين رسوماً على مخاطر الحرب بالنسبة للرحلات المستمرة بعبور البحر الأحمر.
ويعني استمرار السفن في الالتفاف حول القارة السمراء تراكم التداعيات السلبية على العالم اقتصادياً وإنتاجياً وتجارياً، إذ سيواجه المواطنون في العالم صدمة اقتصادية جديدة، تتمثل بتراجع سلاسل إمدادهم بالسلع والمواد الأساسية كالنفط والغاز والمواد الغذائية إضافة إلى ارتفاع أسعارها، وتعد الأزمة أكبر بعدما شهدت مؤخراً أزمات نتيجة لحرب روسيا وأوكرانيا.
ولحماية التجارة في البحر الأحمر وضمان حرية الملاحة لجميع الدول، أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، عن إطلاق مبادرة أمنية متعددة الجنسيات، أطلق عليها “حامي الازدهار”، وذلك تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وقيادة فرقة العمل 153 التابعة لها.
ورداً على المبادرة، أكد الحوثيون أنّهم لن يوقفوا عملياتهم العسكرية في البحر الأحمر إلى حين السماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكان غزة، خاصة أن الحرب بين إسرائيل وحماس اندلعت بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، أدت إلى مقتل أكثر من 19 ألف شخص، أغلبهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
ومنذ نوفمبر الماضي، يواصل الحوثيون استهداف السفن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بدعوى منع وصول إمدادات إلى إسرائيل خلال حربها الجارية على قطاع غزة، ما يزيد القلق من زيادة أسعار السلع في الأسواق العالمية، والتي لم تتعافَ بعد من تبعات أزمتي حرب أوكرانيا وكورونا.
كما يمثل البحر الأحمر حلقة الوصل البحرية الأسرع والأقصر بين آسيا وأوروبا، وشريانا حيويا يمر من خلاله نحو 10 في المئة من إمدادات النفط المنقولة بحرا على مستوى العالم، ما يساوي 6- 7 ملايين برميل نفط يومي، و12 في المئة من التجارة العالمية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو ما سيؤثر على سلاسل التوريد ويرفع أسعار السلع ويزيد التضخم.