ثورة جديدة في السياسة الخارجية الفرنسية، مع تحول جيوسياسي فرنسي بشأن حلف شمال الأطلسي الناتو وتوسيعه من شأنه أن يعيد تشكيل مستقبل أوروبا من جديد، وذلك عندما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز “نقطة التحول التاريخية” بالنسبة لألمانيا، بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وهو ما أذهل أوروبا، وعد المستشار الألماني بالاستثمار بكثافة في الدفاع، على الرغم من تنفيذه بتردد، كان بمثابة تغيير مفاجئ. والأمر الأقل إثارة للاهتمام هو التحول اللافت للنظر الذي يحدث في فرنسا، وقد تكون العواقب المترتبة على نقطة التحول بالنسبة لأوروبا على نفس القدر من الأهمية.
يتكون تاريخ فرنسا من نقطة انعطاف مزدوجة، كل يمس مبدأ أساسيا، الأول هو عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، والآخر هو توسيع حدود الاتحاد الأوروبي إلى الشرق والجنوب، وفرنسا، التي كانت ذات يوم متشككة بشأن الترحيب بالوافدين الجدد إلى أيّ من المجموعتين، أصبحت بهدوء مناصرة لكليهما.
وهذا التحول في السياسة الخارجية الفرنسية يعتبر مهمًا لفهم الديناميات الجديدة التي قد تشكل مستقبل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، حيث تحول جيوسياسي كبير يحدث في السياسة الخارجية لفرنسا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستقبل أوروبا.
فرنسا كانت في السابق متحفظة حول قضية عضوية أوكرانيا في الناتو وتوسيع حدود الاتحاد الأوروبي، أصبحت الآن تؤيد كلا الأمرين، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعلن عن دعمه لضم أوكرانيا للناتو، في موقف يخالف مواقف ألمانيا والولايات المتحدة.
وفرنسا تغيرت أيضاً في موقفها من توسيع الاتحاد الأوروبي، وهي تعتبر الآن التوسيع وسيلة لتعزيز “السيادة الأوروبية”، حيث يأتي التحول الفرنسي في ضوء الأزمات الجيوسياسية الراهنة، مثل التهديد الروسي والمخاوف من انسحاب أميركي محتمل من التزاماتها الأوروبية، في ظل أزمة الإغلاق الحكومى التي ضربت البلاد.
والقرار بفتح مفاوضات عضوية مع أوكرانيا ومولدوفا في الاتحاد الأوروبي لم يتم اتخاذه بعد، لكن النقاشات جارية، لا يزال هناك تحفظ من قِبل بعض المراقبين الذين يرون أن الدعم الفرنسي لأوكرانيا في الناتو قد يكون إستراتيجياً وليس فعلياً، حيث لا يمكن لفرنسا بمفردها تحديد مصير توجهات الاتحاد الأوروبي، لكنها تظل قوة مؤثرة في توجيه هذه القرارات.