شهور من الصراع في السودان بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، أدت إلى بلاد تحولت لبيوت أشباح، ومدن بالكامل نزح أهلها بسبب طلقات الرصاص التي اخترقت منازلهم والقصف المستمر بين المتصارعين.
محاولات أممية عديدة تخطت الخمسة أشهر هدفت إلى الهدوء في السودان ولكن دون جدوى في ظل استمرار أوضاع تحولت إلى “حرب أهلية”، وكذلك ما ينذر بكارثة هو عدم الانصياع إلى الهدن وخرقها بطلقات نارية.
وتطورت الأوضاع في السودان لدرجة أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس استقال من منصبه، في تطور يعكس حدة الأزمة التي يعانيها السودان منذ نحو خمسة أشهر من القتال بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان الملقب بـ”حميدتي”.
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من عهده أصبح “شخصاً غير مرحب به”، وأبلغ بيرثيس الذي يترأس أيضاً بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان يونيتامس، أعضاء مجلس الأمن أنه سيستقيل.
وذكر أنه طلب من الأمين العام أنطونيو غوتيريش إعفاءه من هذا الواجب، فإنه حذر من أن ما بدأ نزاعا بين تشكيلين عسكريين يمكن أن يتحول إلى حرب أهلية شاملة، وأفادت مديرة شعبة العمليات والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إيديم وسورنو بأنه لا مبالغة في أنه بعد خمسة أشهر من الحرب الوحشية يواجه السودان وشعبه أزمة ذات أبعاد ملحمية ومأساوية.
ويحاصر القتال الضاري والمتواصل المدنيين في الخرطوم وبؤر أخرى، بما في ذلك نيالا في جنوب دارفور ويبلغ عدد المدنيين النازحين الآن أكثر من خمسة ملايين، وهذا يعادل مليون نازح جديد كل شهر، و4.1 مليون شخص نزحوا داخل السودان، في حين عبر أكثر من مليون شخص الحدود إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
ويؤكد الباحث السياسي السوداني، محمد إلياس، أنه بالفعل يشهد السودان حرباً أهلية إثر لجوء الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى التحشيد عسكرياً، وذلك بالرغم من المساعي الدولية للهدنة وإنهاء الاشتباكات.
وأضاف إلياس في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: أن انتشار القوات في العاصمة الخرطوم وكذا في مدينة مروي الواقعة شمال البلاد، يسرّع من وتيرة الأحداث، والأوضاع في مروي بقيت متوترة والطرفان بمواقعهما في حالة من التأهب القصوى.