حرب منذ منتصف أبريل بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دمرت كل شيء في البلاد وأصبحت السودان عبارة عن بيوت أشباح مجردة من الحياة، والقطاع الطبي والصحي منهار تماماً ولا خدمات أو أدوية.
ويعيش أطباء السودان حالات من الكثافة في العمل في وسط الحرب والإصابات من قِبل الطرفين والمواطنين، ومع ذلك فوضع المستشفيات لا يسمح للأطباء بالعمل وسط محاصرتهم بالنيران والقصف.
ويعمل الأطباء السودانيون في ظل أوضاع قاسية تحاصرهم نيران الحرب وتردي بيئة المشافي، بينما لم يتقاضوا أجورهم طوال خمسة أشهر ماضية.
وقد بدأت حركة إضرابات عن العمل تنتظم المستشفيات في عدة مناطق سودانية خاصة ولايتي شمال كردفان والبحر الأحمر، في تحرك يهدف لنيل المستحقات المالية وتحسين بيئة العمل.
وقد توقفت رواتب جميع العاملين في الخدمة العامة في السودان منذ بدء الحرب، لكن الأطباء يقولون إنهم يختلفون عن بقية الموظفين لأنهم يواصلون عملهم بدوام كامل في المستشفيات، بينما أغلقت معظم المؤسسات الأخرى ويجلس عمالها دون مهام.
وهناك 24 طبيباً قُتلوا خلال هذه الحرب إثر إصابتهم بالرصاص أو المقذوفات المتفجرة، فيما قتل 5 من الطلاب يدرسون في مراحل مختلفة بكليات الطب خلال الصراع الحالي، حسب حصيلة للجنة التمهيدية لنقابة الأطباء في السودان.
وتعرضت المستشفيات في العاصمة الخرطوم لعمليات قصف مدفعي واقتحام من القوات المتحاربة؛ ما قاد إلى خروج 72% منها عن العمل، ما أدى لتفاقم تدهور الوضع الصحي هناك.
وبعد إغلاق مستشفيات مرجعية في الخرطوم بسبب الحرب تحول آلاف الأشخاص خاصة مرضى السرطان والكلى إلى مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة لمواصلة علاجهم فيها؛ ما خلق ضغطا كبيرا على المراكز والأطباء.
بينما في ولاية شمال كردفان نفذ أطباء مستشفى الأبيض التعليمي إضراباً عن العمل استمر ما يقارب الشهر في تصعيد يهدف لنيل رواتهم المتوقفة منذ 5 أشهر، وقاموا برفعه هذا الأسبوع إثر تفاهمات مع السلطات الحكومية الولائية.
ويقول الباحث السياسي السوداني، إبراهيم إدريس، إنه على الرغم من الواقع الذي يعيشه الأطباء والمتمثل في تردي بيئة العمل وتوقف الرواتب، يبدو الأطباء في الولايات السودانية أفضل حالاً من زملائهم الذين لا يزالون يعملون في خط النار داخل العاصمة الخرطوم وسط مخاطر عالية يواجهون خلالها شبح الموت.
ويضيف إدريس: إن الكوادر الطبية في المستشفيات تعمل تحت ظروف صعبة حيث لا يخلو الوضع من تهديد؛ إذ تسقط المقذوفات والذخائر الطائشة من وقت لآخر في محيطه، ولا بد من الحفاظ عليهم في ظل الحرب التي تودي بحياة الآلاف من المواطنين.