منذ ما يقرب من أسبوع شهد العالم مقتل قائد قوات فاغنر، يفغيني بريغوجين، إثر سقوط طائرته بروسيا، كانت الطائرة الخاصة التي تحطّمت في منطقة تفير شمال العاصمة الروسية موسكو في رحلة داخلية، بين موسكو وسان بطرسبورغ، على متنها 10 أشخاص، ضمن قائمة أسمائهم اسم بريغوجين.
وهو ما ينذر بمستقبل غامض للمجموعة التي ظهرت بقوة على الساحة مع الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك الصراعات في القارة الإفريقية ودعم الانقلابات العسكرية بداية من مالي وبوركينا فاسو إلى النيجر والجابون.
ومجموعة فاغنر هي مجموعة شبه عسكرية روسية خاصة وفاعلة رئيسية في منطقة الساحل الإفريقي خلال الأعوام القليلة الماضية، وهو ما زاد من مخاوف الغرب، إضافة للقلق المتعلق بالجماعات المتشددة في المنطقة.
ومؤخراً ثارت التكهنات بشأن نشاط “فاغنر” في إفريقيا واستمرار عملياتها داخل القارة، حيث يعتقد أن بريغوجين كان في إفريقيا بآخر مقطع فيديو ظهر فيه قبل مصرعه.
ويؤكد المحللون في تفسيراتهم لمستقبل القارة الإفريقية بعد مقتل قائد المجموعة، أن بفاغنر أو بدونها ترغب روسيا في المحافظة على مصالحها التجارية والأمنية في إفريقيا، حيث إنه هدف أساسي، ويملك الكرملين أدوات نفوذ أخرى في القارة الإفريقية التي تعد في قلب معركة إستراتيجية تخوضها قوى العالم.
وتشمل هذه الأدوات سفارات واستثمارات خاصة وشركات مملوكة لروسيا، من قنوات تلفزيونية وصولاً إلى كنائس أرثوذكسية، وساعد ذلك في دعم نجاحات فاغنر في إفريقيا، وإن المجموعة هي أداة للاستعمار الجديد الروسي ولا يوجد سبب يدفعها للتوقف، كما أقر الرئيس فلاديمير بوتين بنفسه مؤخراً، فإن حتى الكرملين لا يمكنه حقّاً فهم النظام المعقد الذي أداره يفغيني بريغوجين.
وتمت الإشارة إلى أن استبدال عناصر فاغنر في إفريقيا سيتطلب إيجاد عناصر جدد لديهم شبكات الاتصال والخبرة اللازمة لمواصلة العمليات، وهو أمر غير مرجح.
وقد ازداد نفوذ فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى بشكل ثابت منذ وصلت إليها عام 2017، إلى حد أنها نظمت استفتاء في يوليو على إعادة صياغة دستور البلاد، لكن مقتل بريغوجين يترك منصباً رئيسياً شاغراً من الصعب ملؤه، بحسب محللين.
وستكون هناك بالتأكيد العديد من الشخصيات التي ستحاول التعبير عن رغبتها بتولي هذه الأنشطة الصعبة، شرط تلقيها التمويل المناسب، لكنهم سيكونون بالتأكيد أقل شأناً من بريغوجين، وهو ما قد يصعب مهمتهم في القارة.
لكن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن نشاط “فاغنر” في إفريقيا لن يتأثر بغياب بريغوجين.
وفي تصريحات له قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: إنه يتوقع أن يستمر نشاط المجموعة في إفريقيا رغم رحيل زعيمها، مؤكداً إيجاد بديل لزعيم فاغنر الراحل، والمجموعة ستستمر أعمالها في إفريقيا لأنها الجناح المسلح لروسيا، وموسكو لا يمكنها إرسال قوات نظامية لأن ذلك سيكون فاضحا للغاية.