تسارع تركيا خطاها لإعادة العلاقات مع مصر، إذ أطاحت بحليفها الأكبر وهو تنظيم الإخوان، لذا مع عودة التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين مطلع يوليو الماضي، لذا تواصل أنقرة تشديد إجراءاتها ضد التنظيم، إذ أفادت مصادر باستعدادها لترحيل عناصر الجماعة جراء استخدام منصاتهم كوسيلة للهجوم على القاهرة، وسط تأكيدات باستمرار أنقرة في مراجعة كل شخص حصل على جنسيتها مؤخرًا تمهيدًا لترحيل أعداد كبيرة من الإخوان.
وسبق أن أعلن البلدان مؤخراً رفع مستوى التبادل التجاري بينهما وزيادة التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي وترشيح السفير المصري عمرو الحمامي لتمثيل بلاده لدى أنقرة، وفي المقابل رشحت تركيا صالح موتلو شن سفيراً لها لدى القاهرة، كما ترددت أنباء عن اقتراح لعقد قمة مشتركة بين مصر وتركيا واليونان وقبرص بهدف التنسيق حول منطقة شرق المتوسط.
ومع ذلك التقارب بات مصير تنظيم الإخوان محفوفا بالتساؤلات والمخاطر، إذ كان يتلقى دعماً كبيراً من أنقرة منذ أعوام، وتحتضن العشرات من قيادات التنظيم معظمهم مطلوب لدى جهات التحقيق في مصر، فيما تظهر بعد القرارات التركية تخليها عن الدعم المعلن لجماعة الإخوان، لصالح التفاهمات مع القاهرة.
تستضيف تركيا نحو 5 آلاف إخواني فروا من مصر إليها عقب ثورة الشعب المصري في 2013، منهم 2000 تحصلوا على الجنسية أو بطاقة الإقامة، فيما لم يسوِّ نحو 3000 آخرون وضعياتهم، وعبر عدد كبير من قيادات تنظيم الإخوان الفارين إلى تركيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حالة “الرعب والصدمة خوفا من التسليم إلى مصر” في ضوء التطورات الأخيرة، التي شهدت تحسنا ملحوظا في العلاقات بين تركيا ومصر، والتمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء، فضلا عن الحديث في تركيا عن زيارة للرئيس المصري إلى البلاد.
وتشمل قائمة الإخوان المطلوبين في مصر مجدي سالم ونصر الدين غزلاني، المتورطين في أحداث رابعة وكرداسة، وكانا ضمن قنوات الاتصال بين الإخوان والتكفيريين في سيناء، كما كانا مكلفين من الرئيس السابق محمد مرسي بالتفاوض مع خاطفي الجنود في رفح إبان عهد الإخوان، وكذلك يحيى موسى قائد العمليات النوعية لجماعة الإخوان، وعلاء السماحي، وأدرجتهما الخارجية الأميركية بقوائم الإرهاب العالمي، فضلا عن عدد من قيادات حركة حسم المتواجدين في تركيا.
بالإضافة إلى أحد أقطاب الجماعة وجدي غنيم، الهارب من حكم بالإعدام في مصر، وحسام الغمري، وأحمد عبده، وهيثم أبو خليل وهشام عبدالله، وعماد البحيري، والدكتور محمد إلهامي المسؤول عن مركز التوثيق والتأريخ بالتنظيم الدولي للإخوان.
ويرى مراقبون أنّ أنقرة قد اكتفت بوقف النشاط الإعلامي للإخوان، وطالبت بعض المطلوبين قضائياً على أراضيها بمغادرة البلاد، كحد أدنى لمطالب القاهرة في هذا الملف، وهو إجراء قد يترتب عليه إجراءات أكثر حسماً ضد التنظيم في المستقبل، ويبقى هذا السيناريو بعيداً في ضوء استمرار أنشطة التنظيم كاملة على الأراضي التركية.
ويرى خبراء أن الإخوان سيرحل أكثرهم عن تركيا طوعا وكرها، ويقصدون ملاذات آمنة قديمة وجديدة، لكن الشتات لن يمحو قوة التنظيم، بل سيجعله يدخل مرحلة الكمون؛ استعدادا للقفز على الأحداث في أي فرصة، مؤكدين أن الإخوان في تركيا لديهم حالة رعب وخوف كبيرة من ترحيلهم.
بينما أفادت مصادر عن تكثيف أنشطة الإخوان داخل إسطنبول في الوقت الحالي، وتنوع البرامج التي تقدمها المؤسسات والمنظمات التابعة للجماعة بين تدريبات بدنية وأخرى معلوماتية، فضلاً عن عقد اجتماعات دورية لعناصر التنظيم على مرأى ومسمع من السلطات التركية.
كما أفادت مصادر بتوافق رغبة مصر وتركيا بشأن إبعاد عدد من العناصر الإخوانية المطلوبة أمنيًا خارج البلاد، بل فتح قنوات للنقاش حول تسليم بعضهم إلى مصر بشكل رسمي، وأن الجانبين وضعا حزمة من الإجراءات والخطوات تجاه ملف الإخوان الموجودين في إسطنبول، منها إبعاد البعض من العناصر التي تم إدانتها قضائيًا في مصر خلال 5 أشهر، وتسليم البعض منهم للقاهرة، علاوة على رفض منح الجنسية لعدد كبير من القيادات التي انتهت إقامتهم في تركيا.
وأضافت تفاصيل صدور تعليمات من قيادات الجماعة للعناصر الشابة المقيمة في تركيا بالعمل على إيجاد ملاذات آمنة بديلة ومغادرة إسطنبول في أسرع وقت ممكن؛ تحسبًا لأي تصعيد أمني يتعرضون له، خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بزيارة رئاسية مرتقبة للرئيس السيسي إلى تركيا بعد وصول دعوة رسمية له من نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
فيما كتب منذر آل مبارك عبر صفحته بموقع “تويتر”، أن: “الشهر الذي تمت فيه اتفاقية لوزان هو شهر طرد الإخوان من #تركيا فلا قيمة لخائن، سبحانه وكأنها رسالة ليست للإخوان فهم خونة ويعلمون أنهم يخونون ولكنها رسالة لكل أحمق صدق الإخوان أو صدق دعاة الصحوة”.
كما نشر الباحث السياسي عبدالعزيز الخميس، عبر صفحته أيضا، أن: “بقاء الإخوان موضع تساؤل، إذ أدارت تركيا ظهرها للجماعة، وقضت على أحد ملاذاتها الآمنة الأخيرة، وتركيا تخلت على إخوان #مصر، خاصة أن علاقات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفروعها بدأت بالانهيار منذ أكثر من عقد في بداية الانتفاضات في العالم العربي، وكان أردوغان يأمل في أن يستغل النجاح الانتخابي للإخوان ليحل في النهاية محل المملكة العربية #السعودية الزعيم الفعلي للعالم الإسلامي السني”.