110 أيام على الحرب في السودان بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، أكلت الأخضر واليابس وحولت الحياة إلى دمار شديد، والبلاد أصبحت مثل مدن الأشباح والدماء تملأ المكان.
يصف أهل الخرطوم مدينتهم بالظلام الدامس، فلا حياة فيها، وقصف الرصاص يقتل دون هوادة وعدد القتلى يزداد يوميًا، والرصاص يخترق جدران المنازل ويموت البشر من انقطاع المياه والغذاء.
وتتضاءل فرص وقف الحرب المشتعلة منذ منتصف أبريل الماضي، التي أدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 10 آلاف شخص وأحدثت خسائر في البنية الاقتصادية والتحتية للبلاد، قدرت بأكثر من 50 مليار دولار، من دون أن يتمكن طرف من حسم الصراع لصالحه.
ودفعت الأوضاع الخطيرة في الخرطوم وإقليم دارفور أكثر من 3 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وترك هؤلاء أعمالهم وممتلكاتهم ليواجهوا أوضاعا إنسانية بالغة السوء، سواء كان في معسكرات النازحين الخارجية أو في المدن الداخلية التي لا تتوافر فيها دور إيواء أو خدمات صحية وحياتية كافية. وفي دراسة أعدتها اللجنة الاقتصادية في حزب الأمة القومي، قدرت حجم الإنفاق العسكري اليومي وخسائر الحرب الدائرة بنحو نصف مليار دولار، حيث وصلت حتى الآن إلى 50 مليار دولار.
في البلاد التي كانت تعاني من الفقر قبل الحرب وصلت الآثار الاقتصادية للحرب في تدمير البنية التحتية وتدمير القطاع الصناعي وانكماش النمو، وفقدان الوظائف وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان.
وخلال 110 أيام، تتزايد الأوضاع الاقتصادية للسكان سوءا، خصوصا في ظل عجز الدولة عن الوفاء بأجور العاملين للشهر الرابع على التوالي، واضطرار أكثر من 400 شركة ومصنع في الخرطوم لإغلاق أبوابها وتسريح العاملين فيها.
وفي ظل تزايد أعداد الجثامين الملقاة في الطرقات وتلك التي تدفن داخل الأحياء وفناءات البيوت، يحذر مختصون من كارثة صحية وبيئية كبيرة.
وتنتشر مئات الجثث على قارعة الطرق بعضها يسبح في الدماء والبعض الآخر بدأ في التحلل وتنبعث منه روائح مزعجة.
وهناك أكثر من 60 في المئة من المباني السكنية والخدمية تعرضت لدمار كامل أو جزئ، فالشوارع خالية من المارة ولا يسمع فيها إلا أصوات البنادق والانفجارات ولا يرى فيها غير الآلاف من السيارات المحروقة أو المعطوبة وارتكازات المقاتلين المخيفة.
ويقول المحلل السياسي السوداني محمد إلياس: إن الحرب المستمرة منذ نحو 110 أيام جردت الخرطوم من ملامح الحياة تماما، وحولتها إلى مدينة أشباح وغيرت وجهها الحضاري الذي ظل يميزها لمئات السنين.
وأضاف إلياس، في تصريحات خاصة لملفات عربية، أن السودان لكي تعود تحتاج إلى مليارات الدولارات وكذلك إلى سنوات كثيرة حتى تعود إلى الحياة من جديد، والحرب أزهقت حياة الآلاف من المدنيين العزل، وشرد الملايين بسببها، وأصبحت الخرطوم تحت وطأة القصف اليومي، ومع ذلك فالحرب حتى الآن لم يظهر لها أي بوادر عن المنتصر.