الدولة اللبنانية على وشك الانهيار، والساسة في حالة يرثى لها، كل على حدة والأهم إعلاء المصلحة الشخصية على مصلحة البلاد، والطوائف في لبنان تتناحر حول السلطة.
ويعيش لبنان حالة من الفراغ السياسي الذي دخل لمدة تزيد عن 9 أشهر، وسط محاولات فاشلة من مجلس النواب لاختيار رئيس للجمهورية ومن ثَم الأزمات المالية المتتالية نتيجة فساد متراكم في البلاد.
ولا يخلو تاريخ لبنان من الصراعات السياسية والطائفية، قليلة سنوات الاستقرار التي عاشها بلد التنوع وتعدد الطوائف والثقافات منذ قيام دولة لبنان الكبير في عام 1920.
وقد طرح البعض في لبنان “الفيدرالية”، والتي تتضمن ضمن أفكار التقسيم، التي تتيح لكل طائفة أن تحكم نفسها بنفسها حتى لا تطغى عليها طائفة أخرى، في السنوات الأخيرة وفي ذروة الانقسامات السياسية التي اكتسبت في كثير من الأحيان بُعداً طائفياً، علت أصوات داخل المكون المسيحي تطالبه بالفيدرالية، حتى لا يهاجر من تبقى من المسيحيين، أو لا يذوبوا في الطوائف الأخرى.
والدولة المركزية التي أنشئت في لبنان قبل أكثر من 100 عام، حفل تاريخها بالحروب ولم تنعم إلا بهدن هشة لم تدم طويلاً، بسبب الكم الكبير من التناقضات، والطوائف لديها شخصيات وقراءات للتاريخ لا تزول بسنوات وعقود.
وحزب الله من الأسباب المحفزة على الفيدرالية ويشجع بشكل مباشر أو غير مباشر على استنساخ تجربته، بحيث إن طوائف بدأت تقول إن بيئة “حزب الله” مثالية، لأنه يؤمّن الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية لطائفته، وينظرون إليه على أن ينشئ جيشاً ومؤسسات رديفة للدولة، ولكن ميزة حزب الله أنه يستقوي بالخارج على الداخل عبر إيران، ولولاها لم يستطع إقامة دولة في الداخل اللبناني.
وما دام أن مفاهيم الدعوة إلى الفيدرالية لا تأتي إلا عند شعور طائفة أو مكون لبناني بالتهميش، ومن يريد أن يكرر تجربة حزب الله فعليه أن يستقوي بدولة خارجية مثل إسرائيل أو تركيا أو العلويين، وهذا يعني إدخال لبنان في حروب دائمة بين الطوائف.
وأعادت بعض الأحزاب المسيحية مشروع الفيدرالية إلى الواجهة في عام 1989 بسبب الخوف من السلاح السوري، وعلى إثر نشوب ما عُرف بـ”حرب التحرير” بين جزء من الجيش اللبناني بقيادة ميشال عون، والقوات السورية في لبنان.