تشتعل لبنان بأزمات عدة، بين الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، حتى وصل الأمر لانتهاك الحقوق والحريات ومعاناة النساء والأطفال، إذ تبين وجود جرائم وانتهاكات بحق قاصرين فيها ، بينها الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي.
وقبل أيام، كشف القضاء اللبناني عن أن جمعية خيرية للأطفال والتي تم ختمها بالشمع الأحمر بعد ثبوت جرائم وانتهاكات بحق قاصرين فيها ، بينها الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، وهي حادثة هزت المجتمع والرأي العام اللبناني ، وفتحت الجدال واسعاً حول خطورة ظاهرة الاتجار بالأطفال واستغلالهم.
وجاء ذلك الكشف، تزامنا مع حادثة أخرى بحق الطفولة في لبنان حادثة جديدة مع ظهور صفحات وهمية لبيع الأطفال وبالدولار الأميركي، في وقت يتخلى أهلٌ عن أطفالهم الرضع من دون أن يرفّ لهم جفن فيرمونهم بين النفايات، يعيش أهل آخرون غصّة الحرمان من ولد، ويسعون للتبني، ليتحولوا إلى تجار أطفال وصناعة البيزنس عبر بيع الرضع مقابل المال بمبالغ تراوحت بين 500 و1700 دولار، وقد تصل إلى أكثر متى علم التجار بأنّ العائلة ميسورة.
وفي التفاصيل جاء إعلان خادم “جمعية سعادة السماء” الأب مجدي العلاوي أمام وسائل إعلام محلية، ظهر الأربعاء، أنّ صفحات أنشئت على مواقع التواصل الاجتماعي باسمه لبيع الأطفال، ودعا علاوي لعدم تصديق هذه الصفحات والجمعيات التي تعرض أطفالاً للبيع وإرسال أي مبالغ مادية لهم، لأنّهم سيقعون ضحيّة أعمال منافية للقانون والإنسانية والدين والضمير.
وأعلن علاوي أن “مجموعة من الرسائل الصوتية على موقع فيسبوك تعود لمواطنين وقعوا ضحية عصابات بيع الأطفال وأن “أحد المواطنين كشف الحسابً الوهمي على فيسبوك باسم الأب مجدي علاوي يقوم ببيع الأطفال لمن يرغب بالتبني”.
وأوضح أن “أحد المواطنين شكّك بالأمر لأن منتحل صفة رجل الدين طلب منه مبلغ 1800 دولار، ثم قبل بمبلغ 1500، لكن الصورة المرسلة للطفل جعلته يشكّ بأنها غير حقيقية ومأخوذة من الإنترنت”.
وناشد علاوي السلطات الأمنية كشف العصابة التي تنتحل اسمه وتنشط خاصة في شرق العاصمة بيروت.
وأضاف “بين هذه الرسائل رسالة من مواطنة وقعت ضحية عصابة قالت إن شخصاً اتصل بها، مدّعياً أنه من جمعية الأب مجدي علاوي وتواصل معها لتتبنى توأماً ، وأخذ منها المال مقابل ذلك وقد حوّلت المبلغ عبر إحدى شركات تحويل الأموال .
وفي تصريحات حديثة، قال القائمون على جمعية حماية التي تعنى بحماية الطفولة في لبنان إنه “من الضروري ان تمارس الجهات الرقابية في الوزارة المعنية دورها الرقابي وأن تتشدد في تطبيق معايير إنشاء مراكز استقبال للأطفال وسياسة حماية الطفل في كل مركز داخلي، كذلك أن تقوم الجهات المكلفة من قبل القضاء بمتابعة وضع الأطفال داخل المراكز من خلال زيارات دورية وضرورة العمل لإعادة دمج الطفل داخل أسرته النواتية أو الأسرة الممتدة إذ من حق كل طفل أن ينمو ويكبر في بيئة أسرية تحميه من العنف والاستغلال”.
وكشفت “حماية” بالأرقام استغلال الأطفال في لبنان، مشيرة إلى أن “عدد حالات سوء المعاملة التي تمّ رصدها والتدخل بها من قبل جمعية حماية في السنوات الماضية جاءت على النحو التالي، عام 2021: تلقينا 2335 حالة عنف منها 23% إساءة جسديّة و9 % إساءة جنسيّة، وفي عام 2022 : تلقينا 2421 حالة عنف منها 29 % إساءة جسديّة و 12 % إساءة جنسيّة، وفي عام 2023 حتى شهر حزيران: تلقينا 1415 حالة عنف منها 29 % إساءة جسديّة و 10 % إساءة جنسيّة.
فيما تبين أن هذه ليست المرة الأولى التي نسمع بجريمة بحق الأطفال في الآونة الأخيرة، إذ كثرت عمليات بيع الأطفال تحت غطاء جمعيات من المفترض أنها ترعاهم”.
ويعاقب القانون اللبناني على جريمة الاتجار بالأطفال كما يلي، “كل من تخلى أو حاول التخلي لفترة مؤقتة أو دائمة عن قاصر دون الثامنة عشرة من عمره ولو بقصد إعطائه للتبني لقاء مقابل مالي أو أي نفع آخر، يعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات، وبالغرامة من 5 ملايين إلى 20 مليون ليرة لبنانية”، و”كل من حمل أو حاول أن يحمل والدي قاصر أو أحدهما، أو الأب أو الأم لولد غير شرعي معترف به منهما أو من أحدهما، أو كل من له سلطة ولاية أو وصاية للتخلي عن القاصر لقاء مبالغ مالية أو أي منفعة أخرى”.
كما يعاقب “كل من حمل أو حاول أن يحمل بأي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة والدي طفل ولد أو قد يولد على التعهد بالتخلي عن الطفل أو التعاقد للتخلي عنه، وكل من يحوز هذا التعهد أو يستعمله أو يحاول استعماله”، و”كل من يحمل أو يحاول أن يحمل أي شخص آخر على الإنجاب بصورة شرعية أو لا، بقصد بيع المولود”، و”كل من قدم أو حاول أن يقدم وساطته لقاء بدل مالي أو أي نفع آخر، بغية الحصول على طفل أو تبنيه”.
بينما “العقوبة تطبق على التحريض في سائر الحالات المذكورة أعلاه بمعزل عن النتيجة التي يؤول إليها”، وتشدد العقوبة وفقاً للمادة 257 من قانون العقوبات في حال التكرار”.
وعرّفت جريمة الاتجار بالأشخاص على أنها اجتذاب شخص أو نقله أو استقباله أو احتجازه أو إيجاد مأوى له بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها، أو الاختطاف أو الخداع … أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا، أو استعمال هذه الوسائل على من له سلطة على شخص آخر.
ووفق قانون العقوبات “بالاعتقال لـمدة 5سنوات، وبالغرامة المالية وبالاعتقال لـمدة 7سنوات، وبالغرامة المالية المضاعفة في حال تمّت هذه الأفعال باستعمال الخداع أو العنف أو أعمال الشدة أو التهديد أو صرف النفوذ على الـمجنى عليه أو أحد أفراد عائلته”.