نزاع متواصل تشهده لبنان بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران، ضحيته الشعب فقط الذي يعاني من التناحر بينهما وأزمات سياسية واقتصادية، خاصة أهالي قرية “الغجر” اللبنانية، بعد تطويقها بجدار إسرائيلي اكتمل بناؤه أوائل يوليو الجاري.
وسلطت صحيفة “لوموند” الفرنسية الضوء على الأوضاع التي تشهدها قرية “الغجر” اللبنانية، موضحة أنها تقع عند سفح مرتفعات الجولان، وباتت تعيش محاصرة بالكامل داخل هذا الجدار الخرساني المرتفع.
ووضع هذا الجدار الإسرائيلي قرية “الغجر” التي يقطنها 3000 نسمة في قلب التوترات بين تنظيم “حزب الله” الشيعي وإسرائيل، إذ تصاعدت التوترات مؤخراً بعدما أقام أنصار “حزب الله” خيمتين قرب مزارع “شبعا” نهاية مايو الماضي، رداً على فرض إسرائيل سياسة “الأمر الواقع” تجاه بلدة “الغجر”.
وتقع قرية “الغجر” على جانبي لبنان وإسرائيل، وفقًا لمسار خط الترسيم “الخط الأزرق” الذي أنشأته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو 2000.
وتعتقد “اليونيفيل” أن إسرائيل بحبس الجزء اللبناني خلف جدارها تنتهك قرارات الأمم المتحدة، في حين يطالب اللبنانيون بهذه المنطقة الواقعة في الجانب الإسرائيلي من “الخط الأزرق”.
وقالت كانديس أرديل المتحدثة باسم “اليونيفيل”: “يأتي الناس ويذهبون إلى هناك، ويلتقطون الصور ويستخدمون المناظير”، مشيرًة إلى انتهاك الجانب اللبناني لنصوص الأمم المتحدة، مضيفة أن “إسرائيل امتنعت عن إخلاء الخيمة بالقوة لعدم رؤيتها أي تهديد مباشر لأمنها”، موضحة أن “الوضع هادئ ولكنه متقلب”.
وتابعت أرديل: “الخط الأزرق هو خط انسحاب، ولا يحكم بأي حال من الأحوال على اتفاقية حدودية مستقبلية. لا توجد حدود معترف بها دوليًا، ولا يمكن أن تكون هناك حدود حتى يتفق الطرفان على ترسيمها”.
وعادت مسألة ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل إلى الظهور منذ أن اتفق البلدان على حدودهما البحرية، في أكتوبر من العام 2022.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الجدار يتبع على تلال “كفر شوبا” بالتأكيد مسار “الخط الأزرق”، ولكن خلفه توجد منطقة “مزارع شبعا”، وهذا الشريط الذي تبلغ مساحته 2 × 10 كيلومترات على منحدرات “جبل الشيخ”، الذي ضمته إسرائيل، محل نزاع منذ فشل الإدارة الفرنسية المنتدبة، ثم الحكومتين اللبنانية والسورية في ترسيم الحدود.
كما أن “الغجر” قرية صغيرة سكانها من الطائفة العلوية واقعة في ركن محاصر من ثلاث دول في الشرق الأوسط، وهي إسرائيل ولبنان وسوريا، ولم يرغب أحد بها بعد حرب الأيام الستة.
وعندما انسحبت إسرائيل مما يسمى بالمنطقة الأمنية في جنوب لبنان في صيف عام 2000، كانت قرية الغجر على خط الجبهة مباشرة. في ذلك الوقت، رسمت الأمم المتحدة الخط الأزرق المذكور على الورق، الخط الأزرق، الذي يقسم القرية إلى شمال لبناني وجزء إسرائيلي جنوبي. الخط افتراضي، لأنه لا يمكن بناء حجارة وجدران حقيقية. واعترض مواطنو قرية الغجر عليه.
وخوفا من الانفصال عن أقاربهم في القرية، طلب المواطنون من السلطات الإسرائيلية السماح لهم بالبقاء في إسرائيل. ثم رفع الإسرائيليون السياج الحدودي مع لبنان شمال القرية. وفي الوقت نفسه، أغلق الجيش الإسرائيلي القرية بإحكام لأسباب أمنية، ثم سُمح للسكان بمغادرة قرية الغجر للذهاب إلى العمل. منذ ذلك الحين، لا يمكنك الدخول إلا بتصريح خاص. أصبحت قرية الغجر قرية أشباح.