يبدو أن هوية لبنان ورسالته مهددتان بالتشويه لأسباب عدة، أهمها عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية، حيث تعيش لبنان فراغا رئاسيا، وتبادل الاتهامات بالمسؤولية، ودعاة الفوضى والفراغ، لا يريدون العمل على الاستحقاق الرئاسي.
حزب الله وحركة أمل، المدعومان من إيران يعرقلان ويهاجمان الجهود الخارجية في الملف الرئاسي، رافضين فرض رئيس للجمهورية، وأن يأتي الحل من الخارج، وذلك الرفض عقب بيان اللجنة الخماسية الأسبوع الماضي.
وفي حين تتجه الأنظار إلى ما ستكون عليه مواقف الأطراف في المرحلة المقبلة وتحديداً لجهة الأسماء التي سيدعمونها للرئاسة، تركزت جهود حزب الله على مهاجمة الجهود الخارجية الأخيرة ويريد لبنان الضعيف الملحق بسياسات إيران.
وقد فشل مجلس النواب اللبناني، على امتداد العام الماضي، في 12 محاولة لانتخاب رئيس للبلاد التي تصارع حكم الفراغ وتداعياته، في ظل حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات ومطعون في شرعية قراراتها وإجراءاتها التنفيذية من جهةٍ، ومجلس نيابي عاجز عن التشريع في ظل غياب رئيس للبلاد، وفق ما ينص عليه القانون.
ويقول المحلل السياسي اللبناني طوني حبيب: إن حزب الله الإيراني في لبنان، يدعي من خلال قياداته التي تحاضر يوميًا، بمناسبة أو بدون، بأنه يطبق الدستور ومؤخرا اتهم معارضيه بتعطيل النصاب في المجلس النيابي.
وأضاف حبيب في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: عقدت 14 جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ولم ينتخب رئيس، حين لم يكن الحزب قد قرر تسمية مرشحه كان يصوت بورقة بيضاء في الدورة الانتخابية الأولى، ويخرج نوابه من القاعة لإفقاد النصاب في الدورة الثانية، والدستور اللبناني ينص على أنه “ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.
وأشار حبيب إلى أنه بعد أن تمت تسمية الوزير السابق سليمان فرنجية مرشحًا، لم يتوقف نواب حزب الله وحلفاؤه عن الخروج من القاعة بعد الدورة الأولى، مع العلم أن الدستور يعتبر مجلس النواب حكما في حال شغور مركز رئاسة الجمهورية، هيئة ناخبة، أي على مجلس النواب قبل أن يشرع أن ينتخب، ويجب على النواب لذلك أن يواصلوا عملية الانتخاب.
وهذا في العملية الانتخابية، أما في الحوار الذي يدعى إليه الحزب “للتوافق على اسم الرئيس” قبل انتخابه، فهذه هرطقة دستورية، اخترعها الحزب اليوم بهدف إلغاء العملية الانتخابية. وها هو النائب محمد رعد بالأمس يقول، صحيح في لبنان فراغ رئاسي، لكن نحن دعونا إلى التوافق في حين الفريق الآخر أدار ظهره للحوار. من اليوم وصاعدا لن ندعو إلى أي جوار، وحين يريدون الخروج من الفراغ الحزب جاهز”!.
وبعد العملية الانتخابية الأخيرة، حاولت باريس التوصل إلى حل وسط بين الفريقين، وكان الاقتراح بأن يسحب كلا الفريقين مرشحه حزب الله يسحب ترشيح سليمان فرنجية، مقابل أن تسحب المعارضة ترشيح جهاد أزعور ويتم ترشيح اسم ثالث غير منتمٍ لأي من الفريقين، لكن الحزب رفض الاقتراح، معللا أن مرشّحه هو المرشح الطبيعي لمنصب رئيس الجمهورية!
وأكد حبيب أن المشكلة ليست فقط في أداء الحزب، المشكلة في طهران، المشغّل لحزب الله. طالما أن ملفاتها لم تتجه نحو حلول تناسبها فإن الملف اللبناني لن يتجه نحو الحل.