يبدو أن هزائم الإخوان مؤخراً لم تكن كافية لأن تموت الجماعة الإرهابية على مستوى العالم، وبعدما تمت محاصرتهم في دول كانت ملاذا آمنا لهم مثل قطر وتركيا وصلت الجماعة إلى طرق مسدودة في الشرق الأوسط وهو ما استدعى تواجدها داخل أوروبا.
وتعد مؤسسة Europe Trust هي الأداة المالية الرئيسة للإخوان في أوروبا، ويصنف أعضاؤها في ألمانيا بأنهم من أتباع ما يسمى الطيف الإسلامي، وهي جماعات من الإسلام السياسي تلتزم بالقانون ظاهرياً، ولكنها ترعى الإرهاب بشكل واضح.
وكانت القارة العجوز قد توسعت بالنفوذ الإخواني الذي تغلغل في مجتمعاتها، من ألمانيا والنمسا، مرورًا بفرنسا وبلجيكا، إلى بريطانيا وسويسرا.
وأقام فيها قيادات التنظيم أنشطة، وأسسوا منظمات وواجهات تابعة لهم، حاولوا من خلالها ممارسة العمل السري، تحت ستار الأنشطة التي يعملون فيها، بينما حاولت دول القارة العجوز سن قوانين وتشريعات لمواجهة الأخطبوط الإخواني والتصدي لأنشطة التنظيم.
ومؤخراً كشفت الاستخبارات الألمانية في ولاية شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية بألمانيا، عن تزايد عدد قيادات جماعة الإخوان في ألمانيا، لتصل إلى “350” في بداية العام 2022، وتملك جماعة الإخوان المسلمين مواقع إلكترونية وظهوراً متزايداً على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الألمانية، كما تحذر تقارير الاستخبارات من زيادة النفوذ الخاص بالجماعة في مختلف الولايات، من خلال توظيف الخطاب الديني للانتشار بين الجاليات المسلمة وتجنيد أكبر عدد من الشباب والمراهقين.
ومؤسسة Europe Trust هي لأعضاء الجماعة تحت مسمى الطيف الإسلامي، وهي جماعات من الإسلام السياسي تهدف إلى تأسيس مجتمع موازٍ من خلال اختراق مؤسسات المجتمع بدلاً من “الجهاد” لتحقيق أهدافها، وتملك Europe Trust هيكلاً يشبه المافيا وسط صعوبات في رصد تعاملاتها المالية وتتخذ المنظمة من العمل الخيري والتنموي في أوروبا ستاراً لجمع التبرعات وتوفير الموارد لصالح اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
Europe Trust تمتلك أصولاً عقارية تزيد قيمتها على 8.5 مليون جنيه إسترليني وترسل إيرادات الإيجار من ممتلكاتها إلى شبكة غير رسمية من المنظمات المرتبطة بالإخوان في جميع أنحاء القارة الأوروبية لا سيما ألمانيا.
ومنظمة Europe Trust، تمول بعض القوى الإقليمية لتنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا، وفي 2022 تم الكشف عن تمويل خارجي لمسجد ومركز “دار السلام” المرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين، وتلقى فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا وفقا لنظام الشفافية المالية للمفوضية الأوروبية أكثر من نصف مليون يورو دعماً في عام 2019 من ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2018 دفعت المفوضية 400 ألف يورو لمنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية و 340 ألف يورو لفرعها التابع للإغاثة الإسلامية في ألمانيا في 28 يوليو 2022.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والإرهاب الدولي، مصطفي حمزة: إن جماعة الإخوان نجحت في تكوين شبكة علاقات قوية مع الاتحاد الإسلامي التركي والمجلس الأعلى للمسلمين ومن ثم التجمع الإسلامي ومنظمة الجالية المسلمة بألمانيا، والبداية كانت بتواجدهم في تركيا وهروبهم مراراً وتكراراً إلى ألمانيا لخلق التكوين الإرهابي هناك.
وأضاف حمزة في تصريحات لملفات عربية، أن فرصة التواجد بين المسلمين الألمان والسيطرة بشكل أوسع على المساجد ونشر أفكارها بشكل تدريجي بهدف عدم إثارة الشكوك حولها هو هدف الإخوان حالياً لاستقطاب المجموعات التي هي مستعدة للفرار من تركيا بعد المصالحة الأخيرة مع مصر، ولكن عمل الجماعة في ألمانيا سيكون عبر خلايا سرية لاستقطاب الشباب والفئات غير القادرة على الاندماج بالمجتمع والفئات الأقل تعليما، ليصبح للجماعة ثقل كبير وممتد داخل المجتمع الألماني.