ذات صلة

جمع

القمة العربية الإسلامية الأمريكية ترسم شرقًا أوسطًا جديدًا.. تقارب مع دمشق وردع لإيران

شهدت العاصمة السعودية الرياض، اليوم، انعقاد القمة العربية الإسلامية...

إنذار إسرائيلي للموانئ اليمنية.. هل بدأت الحرب على خطوط الإمداد؟

في تصعيد خطير ينذر بتوسيع رقعة النزاع في الشرق...

الحرس الثوري الإيراني.. شبح الإرهاب الإيراني يتمدد في أوروبا

لم تعد عمليات الحرس الثوري الإيراني تقتصر على الشرق...

دولة في الظل.. كيف أعاد الإخوان اختراق مفاصل الحكم عبر بوابة البرهان؟

في ظل تصاعد الأحداث في السودان، تتجه الأنظار نحو...

رغم كونها أول دولة أجنبية تدرج الجماعة بقائمة الإرهاب.. كيف تغلغل الإخوان في قلب روسيا؟

رغم بُعد روسيا عن منشأ الجماعة، وأنها أول دولة أجنبية تدرجها على لائحة الإرهاب في عام 2006، إثر أعمال العنف التي نفذتها في مناطق شمال القوقاز، فإنّها لم تخلُ من أعضاء التنظيم الدولي؛ إذ اتجهوا لموسكو في بداية تسعينيات القرن الماضي، أي مباشرة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وعمدوا إلى تأسيس بنية تحتية بشرية وتنظيمية تساعدهم على تثبيت وجودهم وممارسة أنشطتهم بفاعلية.

وفندت دراسة حديثة أصدرها المركز العربي لدراسات التطرّف بعنوان “الإخوان المسلمون في روسيا”، أن مدخل التنظيم إلى روسيا كان عددا من الطلبة والمهاجرين العرب الذين ينتمون إلى الجماعة أو يتعاطفون مع أيديولوجيتها، الذين جاءوا إلى روسيا بغرض الدراسة أو العمل، واستقروا هناك، وحصلوا على الجنسية، ثم نجحوا على مدار أعوام في الانتشار في موسكو ومختلف جمهوريات ومحافظات الاتحاد الروسي، وأقاموا شبكة مترابطة من الجمعيات والمراكز الثقافية والاجتماعية والتعليمية والخيرية، على الرغم من صدور قرار من السلطات الروسية بحظرهم ومنعهم من مزاولة أيّ نشاط.

وأكدت الدراسة أنّ قرار الحظر ظلّ حبراً على ورق؛ لأسباب براجماتية تتعلق بحسابات السلطة وتعقيداتها، فقد سُمح للإخوان فعلياً بالاستمرار في التوسع ونشر أيديولوجيتهم وترسيخ تواجدهم في أوساط المسلمين الروس الذين يقدّر عددهم بنحو (28) مليون مسلم (الإحصاء الأخير لعام 2022)، تؤطرهم مئات الجمعيات والمراكز الثقافية والاجتماعية الإسلامية وأكثر من (8) آلاف مسجد في روسيا وحدها.

ومن بين فروع الإخوان أشارت الدراسة إلى (اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا)، الذي قالت إنّه التنظيم المظلي للإخوان المسلمين في الاتحاد الروسي، تأسس عام 2006 من قِبل مجموعة من الطلبة العرب، أبرزهم الفلسطينيان وسام البردويل ونضال الحيح، وتم تسجيله رسمياً في موسكو، حيث يقع مقره الرئيس، وحصل على الاعتماد القانوني عام 2008.

وأوضحت أن الاتحاد يهدف إلى تعليم المسلمين الروس الدين الصحيح وتوجيههم للتمسك بهويتهم وممارسة شعائرهم الدينية، بالإضافة إلى متابعة أوضاعهم وقضاياهم والتحديات التي يواجهونها في مختلف مجالات الحياة الدينية والاجتماعية وحتى السياسية، وأيضا نشر العلوم الشرعية بين الجالية المسلمة في روسيا لمعالجة مشكلة فقدان الهوية الإسلامية عند المسلم الروسي بسبب الحقبة الشيوعية، ويسعى لخلق وعي ديني إسلامي قائم على أساس عقائدي صحيح في أوساط الجيل الجديد من المسلمين؛ وذلك من خلال الفعاليات الدينية المختلفة التي ينظمها (محاضرات، ندوات، ورش عمل)، إلى جانب ترجمة الكتب التي تقدم مادة فكرية إسلامية إلى اللغة الروسية، ومنها كتب مفكّري الإخوان المشهورين وعلى رأسهم حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي.

ومن الأنشطة التي يوليها الاتحاد الأولوية الموضوعات التي تخص المرأة المسلمة في روسيا، والتحديات التي تواجهها ودورها في استقرار وتطوير المجتمع. ويركز الاتحاد على الدفاع عن حقوق المرأة الروسية المسلمة المحجبة، وبيان دورها في المجتمع الروسي، وذلك من خلال المشاركة في القنوات الإعلامية وتنظيم تظاهرات ونقاشات شعبية على مستوى الشارع.

كما يعمل الاتحاد على إدارة سلسلة من المؤسسات التعليمية التي تهدف إلى تخريج أجيال جديدة تنهض بأعباء الدعوة الإسلامية في روسيا، أبرزها مركز “مدينة” التعليمي بموسكو، وهو مركز معترف به من قِبل وزارة التعليم الاتحادية، ويضم مدرسة ابتدائية (من الصف الأول حتى السادس) لتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية، ومدرسة الشيخ سعيد الإسلامية في سراتوف التي تأسست عام 2007، وهي كليّة شرعية لتكوين الأئمة ورجال الدين تابعة إدارياً للمركز الإسلامي في سراتوف، ويدرُس بها ما يقارب 200 طالب وطالبة من مختلف الأعمار.

وتفرع عن مدرسة الشيخ سعيد الإسلامية مركز لتحفيظ القرآن الكريم للصغار، وأصبح الآن مؤسسة مستقلة يقدم خدماته لما يقارب 120 طفلاً وطفلة، كذلك تفرع عن المدرسة مؤسسة تعليمية للأطفال تحت اسم “مكتب” تقدّم دروساً للتقوية لتلاميذ المرحلة الابتدائية يومي السبت والأحد، خلال العطلة المدرسية الأسبوعية، وتقدم خدماتها لما يقارب 170 تلميذاً وتلميذة.

وأشارت دراسة المركز العربي لدراسات التطرّف إلى أنّ الاتحاد يملك شراكات إستراتيجية مع مختلف الهياكل الأوروبية التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، على رأسها اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً): الجناح الأوروبي للتنظيم الدولي للإخوان، والمنتدى الإسلامي الأوروبي، والمركز الأوروبي للأبحاث والتأهيل القيادي، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي يشكل المرجعية الأساسية للاتحاد في مجال الفتوى والاجتهادات الدينية.

كذلك شارك أحد مؤسسي الاتحاد، وسام البردويل، أكثر من مرة، بصفته عضواً، في أعمال مجلس شورى اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً). بالإضافة إلى ذلك، استفاد البردويل مع عدد من قيادات وكوادر الاتحاد من دورات تدريبية متقدمة أجريت لهم خصيصاً عام 2016 في المركز الأوروبي للأبحاث والتأهيل القيادي الذي يقع مقره بمدينة فريبورغ السويسرية.

وذكرت الدراسة أنّ المصدر الرئيس لتمويل الاتحاد هو التبرعات التي يتلقاها من الجالية المسلمة في روسيا الاتحادية، بالإضافة إلى بعض الجهات الرسمية الخارجية كوزارة الأوقاف الكويتية، التي تُعدّ من الداعمين الأساسيين للاتحاد.

ويتلقى الاتحاد أيضاً دعماً مالياً من هياكل الإخوان المسلمين في أوروبا، وخاصة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً)، لتنفيذ مشروعاته في موسكو وغيرها من الجمهوريات والمحافظات الروسية.

ومن قيادات الاتحاد وسام البردويل، وهو أحد مؤسسي الاتحاد ورئيسه السابق، فلسطيني يحمل الجنسية الروسية، ولد في ليبيا عام 1975، وعلي نضال عوض الله الحيح، وهو فلسطيني (من مواليد محافظة الخليل) يحمل الجنسية الروسية، تخرج في كليّة الطب مع وسام البردويل، وشارك معه في تأسيس الاتحاد، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي حوض الفولكا (وسط روسيا) للعلاقات الخارجية.

spot_img