تخبط المواقف في النظام التركي وخسارته الاقتصادية والسياسية، جعلته يلجأ لمحاولة استجداء النظام المصري لكي يصفح عنه بعد سنوات من المكايدة والانحطاط التركي تجاه الدولة المصرية، استخدم خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جميع الحيل للنيل من مصر وشعبها وقيادتها التي علمت أردوغان درسا قاسيا لن ينساه، وأثبتت للعالم أجمع أن القيادة السياسية أفعال وليست أقوالا.
يتمتع الموقف المصري بحالة من الثبات والإصرار والتقدم ، في مقابل حالة من التراجع والتخبط والتلاعب لدى النظام التركي، فعند المقارنة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأردوغان سنجد أن الرئيس المصري قليل الكلام كثير الأفعال، بينما الرئيس التركي رئيس كثير الكلام قليل الأفعال، بل ويفعل عكس ما يقول ويتراجع بشكل سريع، وفقا لتحليل المراقبين.
ونتيجة الانتصار السياسي الذي حققه السيسي أمام مخططات أردوغان للدولة المصرية، اتجهت منصات الإخوان الهاربين في تركيا، والذين يستخدمهم أردوغان ويمولهم بأموال قطرية، إلى محاولة زعزعة الأوضاع في مصر من خلال الدعوات الفاشلة للتظاهر ونشر الفوضى في مصر، بينما لم يسمح وضع جماعة الإخوان وفلولها الهاربين إلى تركيا بتمرير أجندتهم، بسبب سقوطهم وفشلهم وضعفهم بين صفوف المصريين.
اعتبرت الدولة التركية قبل ثورة الشعب والجيش المصري في 30 يونيو عام 2013، أنها حصلت على مصر واستطاعت السيطرة عليها، واعتبر أردوغان أن الإخوان سيساعدونه في تنفيذ أطماعه لإعادة الاستعمارية العثمانية في مصر، ولكن جاءت الثورة المصرية لتحبط تلك المخططات، مما جعل تركيا تشعر بخسارة فادحة، وحاول أردوغان مرارا استخدام المال القطري للتسلل إلى الدولة المصرية ولكنه كان يواجه فشلا بعد الآخر.
وكان نفاد صبر الدولة المصرية مع محاول أردوغان ترسيم حقول النفط في شرق المتوسط، ولاسيما في منطقة سرت الليبية، ويكشف عن نيته في سرقة ثروات شرق المتوسط النفطية، ولكنه فوجئ برد فعل الرئيس المصري الذي كان يتجاهل جعجعة “أردوغان” السابقة وخروجه في كافة الفعاليات للحديث عن السيسي.
هنا قرر السيسي صد أطماع أردوغان، ولم يكن سوى جملة واحدة قالها حتى يوقف سيل تجاوزات أردوغان، قال السيسي: “خط مصر الجفرة “خط أحمر”، ووضعت مصر خطوطها الحمراء على بعد 900 كلم من حدودها، وهنا جن جنون “أردوغان” وعملائه الإخوان.
كان رد فعل “أردوغان” هو إطلاق كلابه للنهش في سمعة مصر ولكن لم يفد ذلك، فحاولوا استغلال الأزمة المصرية الإثيوبية للنيل من مصر، ولكن “السيسي” أحرز تقدما جديدا في هذا الملف أيضا ويسير بخطى ثابتة وواضحة.
ووفقا لمراقبين، لم يتقدم الحلم التركي في ليبيا شبرا واحدا منذ خطاب الرئيس المصري بل تراجع بشكل مستمر، وحتى الموقف الدولي أيضا بدأ يتصاعد غضبه ضد أردوغان وبدأت التلويحات الأوروبية بالعقوبات على تركيا، ولاسيما في ظل تجاوزاته في اليونان وقبرص.
وبسبب خسارة أردوغان المستمرة، تراجع عن موقفه المتصلد طوال سبع سنوات حاولت أكثر من جهة لتهدئة الأوضاع بين مصر وتركيا وحتى حاولت المملكة العربية السعودية أكثر من مرة، رد الرئيس التركي عن موقفه وإيقافه عن الزعم في العالم بأن السلطة المصرية انقلابية.
يقول الدكتور محمد آل سلطان، المحلل السياسي السعودي:” جاءت اتفاقية غاز شرق المتوسط، وكان رد الدبلوماسية المصرية يتحلى بالهدوء والرصانة، وعملت مصر وفق قانون البحار وقبلت اتفاقا على الحدود البحرية سواء الإقليمية والاقتصادية مع الدول المتشاركة معها في الشواطئ والمياه الاقتصادية واتجهت لتدشين منتدى غاز شرق المتوسط اشتركت فيه اليونان ومصر وإيطاليا وفلسطين وإسرائيل، وجميع الدول المطلة على البحر المتوسط، ما عدا تركيا لأنها على حسب الحدود السياسية لديها 30 جزيرة يونانية تخنقه فلا بد من حل مشاكلها أولا مع مشاكلها مع اليونان ومشكلتها الأخرى مع قبرص”.
وأكد آل سلطان، أنه من هنا تم وضع خط أحمر آخر في البحر الأبيض المتوسط، مما أكد للسياسة التركية مع الضغط المصري أنها وحيدة، حتى المعارضة لأردوغان تنكرت من خسارة العلاقات المصرية، ولفت إلى خطابات المعارضة التي تساءلت خلالها كيف يريد أن يكون له وجود في العالم العربي والسعودية وهو يخسر مصر.
أردف آل سلطان:” وقالوا له إنه جعل تركيا أضحوكة في العالم حتى السفينة هدد بها ثم سحبها، بمجرد تلويح الاتحاد الأوروبي بالعقوبات ، وأن السيسي مجرد أن وضع له خط سرت الجفرة لم يتحرك نحوه، حتى حلفاؤه في قطر ملوا منه بعد استنزاف أموالهم”.