في تطور غير مسبوق، يتجه المشير خليفة حفتر، غداً الثلاثاء للعاصمة السياسية طرابلس المقر الرئيسي لحكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبدالحميد الدبيبة.
وجاء ذلك على لسان مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات المشير خليفة حفتر التي تتخذ من الشرق الليبي مقراً لها، خالد المحجوب في تصريحات لموقع “إندبندنت” البريطاني، بينما لم يفصح المحجوب عن أهداف زيارة طرابلس التي تعد الأولى من نوعها له منذ اندلاع أحداث ثورة فبراير 2011، ويأتي الإعلان عن هذه الزيارة مباشرة بعد مطالبة حفتر بـ”تسريع تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة الانتخابات”، في بيان صحافي صادر من القيادة العامة للجيش الليبي، الجمعة الماضي.
وفي هذا السياق، أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، في بيان، “ندعم المحادثات والتقارب الذي من شأنه إنهاء حالة الانقسام السياسي، وما قامت به لجنة (6+6) بين مجلسي النواب والأعلى للدولة أولى الخطوات المهمة التي تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.
وأضافت “كذلك ندعم كل الحلول السياسية الصادقة في إنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا، دون مغالبة أو إقصاء أو مصادرة حقوق أي طرف، حتى تحقق القوانين الانتخابية أكبر توافق ممكن لإجراء الانتخابات في موعدها وضمان تطبيق نتائجها”.
وأكد موقع “إندبندنت” أن زيارة حفتر إلى طرابلس تأتي وسط سياقين مهمين، يتمثل الأول في توقيتها بعد يوم واحد من إحاطة رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين. أما الأخير فيتمثل فيما سبقها من اجتماعات قادة إيطاليا مع كل من حفتر في بداية مايو الماضي، والدبيبة في بداية يونيو الجاري.
تلك الأسباب انعكست في تباين قراءات الزيارة، فذهب فريق إلى إمكانية توحيد المؤسسة العسكرية، ورأى آخر أنها قد تطيل الحديث عن تشكيل حكومة جديدة، غير أنها اتفقت في مجملها على دقة توقيت زيارة حفتر إلى طرابلس التي تأتي بعد صدور قوانين الانتخابات عن اللجنة الانتخابية (6+6) من بوزنيقة المغربية وإحاطة باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي بساعات.
وفي الصدد وصف المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر توقيت الزيارة بـ”الدقيق جداً”، وقال “إن الزيارة غير مخطط لها في الرزنامة البعيدة، ولكنها جاءت في اللحظات الأخيرة التي تأتي بعد إحاطة باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي بخصوص ليبيا التي قد ترسم ملامح جديدة لخريطة المرحلة السياسية المقبلة للدولة الليبية”، موضحا أنه “بهذه الزيارة سيحول حفتر نقاط ضعفه المتمثلة في عدم تمكنه من دخوله العاصمة الليبية طرابلس خلال حرب أبريل (نيسان) عام 2019 إلى نقاط فوز بزيارته المرتقبة غداً إلى طرابلس، وهي خطوة تحسب له سياسياً”.
وتابع لاصيفر أن “خليفة حفتر يريد أن يبين للعالم الخارجي بزيارته هذه أنه باستطاعته التحرك في كامل التراب الليبي من شرقه إلى جنوبه وحتى غربه الذي يقع تحت سيطرة خصومه السياسيين والأمنيين، عكس رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي يتحرك في القطب الغربي فحسب”، مشيرا إلى أن الزيارة “خطوة ستخدم حفتر دعائياً في المستقبل إذا ما ترشح للانتخابات باعتباره سيتصدر المشهد من جديد”.
وحول تقبل ثوار الغرب الليبي لوجود حفتر داخل طرابلس، أكد المستشار السياسي أن “الزيارة ستكون خاطفة. أما الترحيب به أو رفضه من قبل التشكيلات المسلحة التي سبق وخاضت حرباً ضد حفتر، فإنها خارج سيطرتهم. ومن المتوقع أن يكون قد تم التنسيق جيداً على المستوى الأمني والسياسي مع بعض الدول المتداخلة في المشهد الليبي لهذه الزيارة”.
وأضاف لاصيفر أن “عملية التواصل بين حفتر والدبيبة قائمة طوال الفترة الماضية بطريقة غير مباشرة حول إجراء تعديل حكومي على حكومة الدبيبة يتم بمقتضاه دمج عدد من وزارء حكومة أسامة حماد (الشرق الليبي)، حيث تمنح عدداً من الحقائب الوزارية لحفتر لتعيين أنصاره فيها”، مشيرا الى أنه “بعد هذه الزيارة ستظهر المفاوضات بصفة مباشرة، وترفع الكلفة بين الدبيبة وحفتر لنشهد الفترة المقبلة تعديلاً وزارياً يتضمن بعض الوزراء الموالين لحفتر في حكومة الدبيبة بالمقابل يواصل الأخير رئاسة الوزراء لتهيئة الظروف العامة لإجراء الانتخابات المقبلة”.
فيما يرى رئيس مؤسسة التنمية السياسية جمال الفلاح أن “زيارة قائد قوات الشرق إلى طرابلس تأتي ضمن مشروع التقارب بين الفرقاء الليبيين الذي تشرف عليه الولايات المتحدة”، وأضاف أن “تشكيل قوة عسكرية مشتركة لتسريع إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من التراب الليبي استعداداً للانتخابات وتأمين العملية الانتخابية هي أبرز أهداف الزيارة التي تأتي لتنفيذ ما نصت عليه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في السابق عندما تحدثت عن ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية في البداية، وتشكيل قوة عسكرية مشتركة بين الغرب والشرق لحماية الحدود الليبية وإخراج القوات الأجنبية للحفاظ على رغبة 2.8 مليون ليبي في إجراء انتخابات وطنية”.
وأشار رئيس مؤسسة التنمية السياسية إلى أن “أطراف الصراع الليبي تعمل اليوم وفق الاستراتيجية التي وضعتها الإدارة الأميركية، خصوصاً مسألة الانتخابات وانصياع جميع الأطراف لنتائجها”. وأكد أن “بحوزته تسريبات حول تقارب بين حفتر والدبيبة سيفضي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تشرف على تنظيم الانتخابات وفق خطة رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي التي تدعمها الولايات المتحدة، خصوصاً أن جميع الأصوات المتصارعة انخفضت وأيدت مخرجات بوزنيقة المغربية”.
يذكر أن القوانين المنجزة من قبل لجنة “6+6” لقيت معارضة عدد من النواب بالمجلسين وأحزاب سياسية طالبت بتعديلها، إلا أن اللجنة أعلنت أن قوانينها “نهائية ونافذة”، كما يقدم باتيلي، الاثنين، إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي حول مستجدات الأوضاع الليبية التي فشلت في إجراء الانتخابات خلال ديسمبر 2021.