رغم محاولات الإنكار العديدة لأوجه الفساد الإخوانية في تونس وتورط قادة الجماعة في أنشطة سوداء عديدة، إلا أنه كثيرا ما يتضح زيفها، وهذه المرة على لسان عضو قديم، إذ كشف القيادي السابق المنشق عن حركة النهضة الإخوانية في تونس عادل الدعداع تورّط راشد الغنوشي وابنه في تبييض أموال عن طريق جمعية (نماء) التي أثارت الجدل، وكانت موضوع شكاية جزائية قدّمها أحد الأحزاب المعارضة سابقاً.
وقال الدعداع في تسريب منسوب إليه تم تداوله على نطاق واسع: إنّه سهّل بنفسه عملية تحويل الأموال من دولة إقليمية داعمة لحركة النهضة الإخوانية، مضيفا أرقاماً خيالية تصل أحياناً إلى 40 مليون يورو، كانت تمرّ إليها عبر الحسابات البنكية للجمعية المذكورة.
وسبق أن أثبتت لجنة التحاليل المالية تلقي جمعية (نماء تونس) العديد من التمويلات التي تفوق تقارير أنشطتها، وتم فتح تحقيق في ذلك وتفتيش مقارّ إقامة أعضائها وحجز حواسيب ومعدات وإيقاف البعض منهم وإدراج البقية بالتفتيش، ومن بينهم عادل الدعداع المتحصن بالفرار حالياً في حين تقبع زوجته في السجن على خلفية القضية نفسها.
وأشار الدعداع في تسريبات سابقة إلى ما قدّمه للحركة ولرئيسها الذي أقنع كثيراً من رجال الأعمال بالتعامل معه رغم ميلهم إلى التعامل مع حمادي الجبالي القيادي السابق بالحركة ورئيس الحكومة السابق في عهد الترويكا، الذي استقال من الحركة وترشح بصفة فردية للانتخابات الرئاسية الماضية في 2019.
وتابع أنّ الأموال كانت تنقل إلى مقر الحركة في مونبليزير بالعاصمة، وأنّه كان يسهل ذلك بنفسه، وأنّه كان ينتقل إلى قطر مع معاذ الغنوشي نجل رئيس الحركة الفار حالياً إلى أوروبا، متنقلاً بين سويسراً وبريطانيا التي يحمل جنسيتها، فيسهل له الاتصال بالمسؤولين فيها ليحصل على الأموال الضخمة بالدولار واليورو، على حدّ تعبيره.
ولفت الدعداع إلى أنه قدّم تضحيات كبرى من أجل الحركة، فقد كان يحمي تحويلاتهم المالية وينظم مجالس الشورى في بيته، ويتكفل بكراء المقر الرئيس للحركة وتأثيثه على نفقته، غير أنّهم لم يراعوا ذلك، ولم يحموه حينما خضعت حساباته المالية للتدقيق، في حين كان ذلك ممكناً في 2016؛ بسبب متانة العلاقة بين الغنوشي والسبسي حينها.
وأكد أنّ حركة النهضة الإخوانية قد استولت على قناة (حنبعل) التلفزيونية الخاصة، وأنّه سهل لهم ذلك لما استقطب أسماء شركاء لا يشك أحد في انتمائهم للحركة لإبعاد الشبهة عنها.
وكان وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد السابق في حكومة إلياس الفخفاخ محمد عبو قد أحال عدداً من القضايا إلى القضاء للتحقيق فيها، ومن بينها مسألة التمويلات المشبوهة لحركة النهضة وتبييض الأموال وامتلاكها عدداً من القنوات التلفزيونية.
وقد تم الاستماع إلى محمد عبو من قِبل القطب القضائي المالي في نوفمبر 2020 في القضية التي كان أحالها بخصوص مصادر تمويل حركة النهضة والإثراء غير المشروع لبعض قياداتها، إضافة إلى امتلاكها لعدد من القنوات التلفزيونية التونسية، وفق ما نقلته إذاعة “موزاييك” حينها.
وذكر محمد عبو في تصريح تلفزيوني بثته قناة خاصة في أكتوبر 2020 بملف تبييض الأموال الذي تورطت فيه حركة النهضة الإخوانية عبر استغلال 4 قنوات تلفزيونية خاصة، وهي (حنبعل، والزيتونة، وإم تونيزيا، وتي إن إن)، مشيراً إلى أنّ قادة في النهضة أصبحوا مساهمين في أسهم بعض تلك القنوات، وأنّ الأموال كانت تدخل إلى مقراتهم في حقائب، في مخالفة تامة للقانون.
ويُعدّ العمل الجمعياتي الغطاء الأبرز الذي تستخدمه حركة النهضة في تبييض الأموال وتجميل صورتها في المجتمع التونسي والاستقطاب غير المباشر للناخبين، في ظل منع القانون التونسي للأحزاب من تلقي تمويلات مباشرة أو غير مباشرة من جهة أجنبية، ويعاقب على هذه الجريمة بصرامة تصل إلى حلّ الحزب المتورط.
وسبق أن أثيرت قضية الغطاء الجمعياتي للحركة منذ ما بعد الثورة مباشرة، واتجهت الأصابع إلى (جمعية قطر الخيرية) التي تكثف نشاطها وتضاعف بعد الثورة، بالإضافة إلى نسيج كامل كان محل شبهة.