بعد انتهاء الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار في السودان، تفاقمت الأزمات بصورة مخيفة في الخرطوم؛ إذ أفاد سكان بأن مناطق بالعاصمة السودانية شهدت قصفا واشتباكات عنيفة، كما وردت أنباء عن انتشار الفوضى في الخرطوم وإقليم دارفور بغرب البلاد بعد أكثر من سبعة أسابيع من الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتفاقم القتال بين الجانبين في ساعة متأخرة من مساء السبت بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة، ووقعت معارك لليوم الثاني على التوالي في مدن العاصمة الثلاث وهي الخرطوم وأم درمان وبحري.
وقال السكان: إن أم درمان شهدت اشتباكات برية في واقعة نادرة بالإضافة إلى قصف وقتال في منطقة الخرطوم شرق وبالطرف الجنوبي من العاصمة، وأكد محمد صالح (37 عاما) وهو أحد السكان أن الحي الذي يعيش فيه وسط أم درمان يتعرض يوميا للنهب علنا دون أن يتدخل أحد لمنع ذلك، مضيفا أن الاشتباكات والقصف لا يتوقفان.
وتسببت الحرب في نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل السودان، ودفعت نحو 400 ألف للفرار إلى الدول المجاورة، وألحقت أضرارا جسيمة بالعاصمة التي أصبح من بقي فيها من السكان تحت رحمة المعارك والضربات الجوية والنهب، وتقول قوات الدعم السريع إنها تعمل على حماية المدنيين بالقبض على اللصوص.
وتوجه بعض الذين فروا من الحرب إلى دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي دول تعاني بالفعل من الفقر والصراع وتراجع المساعدات الإنسانية.
وقال محمد أيويا منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جمهورية إفريقيا الوسطى في مؤتمر صحفي في جنيف: إن وصول ما يقرب من 14 ألف شخص إلى شمال شرقي جمهورية إفريقيا الوسطى وتوقف التجارة عبر الحدود “يضع ضغطا إضافيا على الموارد المحدودة المتاحة لمساعدة 130 ألف شخص من الفئات الأشد ضعفا في المنطقة”.
وأثارت الحرب أيضا اضطرابات في دارفور في أقصى غرب السودان، وهي منطقة كانت تعاني بالفعل من نزوح جماعي بسبب الصراع السابق؛ حيث تحدث السكان في عدة مدن وبلدات عن هجمات شنتها ميليشيات مرتبطة بقبائل بدوية عربية.
فيما أكد ناشطون أن 40 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب العشرات بجروح في بلدة كتم بولاية شمال دارفور خلال الأيام القليلة الماضية. كما أفاد السكان بانتشار النهب وانعدام الأمن في المنطقة.
ونشرت قوات الدعم السريع مقطع فيديو يزعم أنها استولت على مقرات الجيش في كتم وهي مركز تجاري وواحدة من كبرى البلدات في الولاية، والدعم السريع لها قاعدة نفوذ في دارفور وتمتد أصولها إلى الميليشيات التي يهيمن عليها العرب، ولم يصدر حتى الآن تعليق من الجيش الذي نفى الأحد استيلاء قوات الدعم السريع على البلدة.
وانقطعت الاتصالات لفترات طويلة في أجزاء من دارفور حيث تواجه جماعات الإغاثة صعوبة شديدة في إدخال الإمدادات الإنسانية، وفي الأبيض التي تبعد 360 كيلومترا جنوب غربي الخرطوم وتقع على طريق رئيس من العاصمة إلى دارفور، تحدث السكان عن انتشار كبير لقوات الدعم السريع وإغلاق بعض الطرق.
وشهدت الأيام القليلة الماضية سقوط الزخات الأولى من موسم المطر الذي من المرجح أن يزيد العراقيل أمام جهود الإغاثة التي أعاقتها بالفعل البيروقراطية والتحديات اللوجستية.
وسبق أن أفاد شهود عيان باندلاع أعمال عنف جديدة في ولاية شمال دارفور أودت بحياة 40 شخصا على الأقل، بينما قد يفاقم موسم الأمطار من الأزمة الإنسانية، وأظهرت لقطات حية، الأحد، تصاعد أعمدة من الدخان الأسود في سماء العاصمة، وقال سكان الخرطوم إنهم يعيشون في رعب من القصف العنيف وأصوات المدافع المضادة للطائرات وانقطاع التيار الكهربائي.
كما وردت أنباء عن اندلاع قتال في عدة مناطق أخرى منها وسط الخرطوم وجنوبها وبحري، وخارج العاصمة، اندلع قتال في إقليم دارفور في الغرب الذي يعاني بالفعل من ويلات صراع طال أمده وأزمات إنسانية طاحنة.
وبدأ وقف لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 22 مايو وانتهى أجله ليلة السبت، وأدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة إلى هدوء حدة القتال قليلا والسماح بوصول مساعدات إنسانية محدودة لكن شابته، شأنه شأن غيره من إعلانات وقف إطلاق النار السابقة، عدة انتهاكات، وانهارت يوم الجمعة محادثات كانت تهدف إلى تمديده، بحسب رويترز.
واندلع الصراع الدامي على السلطة في السودان يوم 15 أبريل وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة نزح خلالها أكثر من 1.2 مليون شخص داخل البلاد وفر 400 ألف إلى دول الجوار، كما أنه يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
بينما قالت السعودية والولايات المتحدة: إنهما تتواصلان يوميا مع وفدي الجيش وقوات الدعم السريع اللذين لا يزالان في جدة رغم تعليق محادثات تمديد وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.
وأضاف البلدان في بيان: أن المشاورات تتركز على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التي يتعين على الطرفين اتخاذها على المدى القريب قبل استئناف محادثات جدة، ودعت السعودية والولايات المتحدة، طرفي الصراع في السودان إلى العمل من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وطالبوا الطرفين بتنفيذ التزاماتهما في اتفاق جدة.