ذات صلة

جمع

بعد الكشف عن مفاوضات غزة السرية.. تسريبات: حماس تنازلت عن شرطها الأساسي

عادت مفاوضات غزة مجددًا إلى الواجهة، بعد الكشف عن...

القصف الإسرائيلي في بيروت يعقد الجهود الدولية لوقف إطلاق النار

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت تصعيدًا جديدًا بعد تنفيذ إسرائيل...

ما الذي يمنع إسرائيل وإيران من الدخول في حرب أكبر؟

‏مرّ ما يقرب من شهر منذ إرسال إسرائيل أكثر...

صراع جديد مشتعل بجبهة لندن الإخوانية.. ماذا يحدث بين أطراف الجماعة المتناحرة؟

تشهد جبهة لندن الإخوانية صراعا جديدا من شأنه أن يفاقم الأزمة الحالية الطاحنة بين جبهات الجماعة؛ إذ إنه من المتوقع أن تحدث مواجهات أكثر ضراوة بين قيادات التنظيم المتناحرين على منصب القائم بأعمال المرشد العام، وعدد من المواقع التنفيذية الأخرى خلال الأسابيع المقبلة.

ويتمثل محور الصراع الجديد بشكل محدد في توظيف ثقل التنظيم الدولي للإخوان، كأداة جديدة من أدوات حسم الصراع الراهن داخل الجماعة، بعد اختيار القيادي الإخواني محمود الإبياري أميناً للتنظيم الدولي خلفاً لإبراهيم منير، وفي المقابل التحركات المكثفة من جانب جبهة إسطنبول لاحتواء الموقف، التي من المتوقع أن تسفر عن اختيار أمين للتنظيم الدولي من جهتها، لتستمر أزمة الانفصال البنيوي داخل الجماعة.

ورغم أنّ الصراع قد بلغ ذروته بالفعل في أعقاب وفاة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير في نوفمبر الماضي، وما تبعه من تناحر حول أحقية كلِّ جبهة في تولي المنصب، وما نتج عنه من انفصال تنظيمي وتولي قائمين بأعمال المرشد، هما محمود حسين، وصلاح عبد الحق، فإنّ القرارات التابعة داخل كل جبهة تسببت في تصاعد وتيرة الصراع بشكل كبير، وهو ما تناولته دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية للباحث محمد فوزي أبعاد ومآلات الصراع الراهن داخل التنظيم، في ضوء التطورات الأخيرة المرتبطة بحالة الهيكلة الجديدة.

وقالت الدراسة: إن بُعدا جديدا يتعلق باختيار القيادي محمود الإبياري أميناً عاماً للتنظيم الدولي، خلفاً لإبراهيم منير، وما يمثله من أهمية قصوى ترتبط بعملية حسم الصراع التنظيمي لصالح جبهة لندن، وتحظى خطوة اختيار أمين عام للتنظيم الدولي للإخوان بأهمية كبيرة، تجعلها لا تقلّ أهمية عن الخطوة السابقة الخاصة باختيار صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد.

وفي ضوء اعتبارين أساسيين: الأوّل يرتبط بالأهمية التي يحظى بها التنظيم الدولي في البناء التنظيمي لجماعة الإخوان، لكونه يمثل الذراع الخارجية للجماعة المسؤول عن إدارة علاقاتها وتفاعلاتها الخارجية، سواء مع الدول، أو مع التنظيمات الإسلامية الأخرى الموجودة في معظم دول العالم، وتوفير التمويلات الخاصة بالتنظيم وإدارة اقتصادياته، فضلاً عن دوره في إدارة الهياكل المؤسسية الخاصة بالجماعة في الخارج.

أمّا الاعتبار الثاني، فيرتبط بخصوصية اللحظة الراهنة التي تعيشها الجماعة، بمعنى أنّ الخطوة ترتبط بشكل رئيس بسعي جبهة لندن لسدّ أيّ فراغ تنظيمي قد تستغله جبهة إسطنبول لتعزيز نفوذها، ومن هنا جاء حرص الجبهة في الأشهر الأخيرة على استكمال إعادة بناء الهياكل المؤسسية الخاصة بها.

وبحسب الدراسة، لم يأتِ اختيار الإبياري للمنصب بشكل عشوائي، ولكن وفق مجموعة من المحددات الرئيسية، يرتبط أهمها بحالة الغموض التي يحظى بها داخل تنظيم الإخوان؛ إذ يشبه في ذلك القيادة السرّية للجماعة التي كانت تُدير كافة شؤونها وترسم توجهاتها، خصوصاً ما يتعلق بالتنظيم الدولي من خلف الأسوار.

وقد عاش الإبياري منذ عقود في النمسا، ثم انتقل منها إلى لندن التي يقيم بها حتى اليوم، وشغل مؤخراً منصب عضو الهيئة العليا للجماعة، فضلاً عن عضويته لمجلس شورى الإخوان في أوروبا.

فيما كان الإبياري مسؤولاً بشكل رئيس عن كتابة بيانات الإخوان ورسم توجهاتها، وكذلك عن إدارة عدد من شركات الإخوان في بريطانيا، ومن بينها: (نيل فالي)، و(ميديا سيرفس)، فضلاً عن سيطرته على عدد من أصول الجماعة في تركيا في منطقة كوجاتيبي في إسطنبول، وإدارته رفقة شقيقه محمد الإبياري لمجموعة من الشركات في الولايات المتحدة وكندا.
كما تولى الإبياري بشكل رئيس في الأعوام الأخيرة مسؤولية نشاط شركات ومؤسسات الجماعة في أوروبا، بتكليف من التنظيم الدولي، ويتولى مسؤولية الإشراف على رعاية عناصر الجماعة الموجودين في أوروبا.

وأشارت إلى أن البناء التنظيمي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين يحظى بهيكل مشابه إلى حدّ كبير للبناء الأم الخاص بالجماعة، متمثلاً في الأمين العام للتنظيم الدولي (الذي يقوم بدور المرشد)، ومكتب الإرشاد العام للتنظيم الدولي، ومجلس الشورى العام للتنظيم الدولي، لكنّ التنظيم الدولي يضم بين طياته العديد من المنظمات السياسية والدينية والإعلامية التي تقوم بالعديد من المهام التي تخدم أنشطة التنظيم.

وللوقوف على أهمية خطوة اختيار الإبياري أميناً عاماً للتنظيم الدولي للإخوان، أوردت الدراسة الطبيعة التنظيمية لهذا الكيان الإخواني، وطبيعة المهام التي يقوم بها كل هيكل. ويتألف الهيكل البنائي للتنظيم الدولي للإخوان من بعض الوحدات البنائية، وفق ما حددته اللائحة المعدلة للنظام العام للإخوان المسلمين في 28 مارس 1994، ووفق لائحة الجماعة يُعدّ الأمين (المرشد العام للتنظيم الدولي) “مركز القرار والتوجيه في التنظيم الدولي للإخوان، وممثلها الشرعي، ومرجعها العقدي والسياسي، خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الإستراتيجية العامة”.

ويعكس ذلك، وفق الباحث، طبيعة المهام الاستثنائية للأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، فهو المشرف على إدارة شؤون الجماعة في الخارج، وإدارة الأفرع المختلفة والتنظيمات التي تدخل في كنف الجماعة وتنتمي إليها.

ورغم أنّ الجماعة حاولت، وتحاول دائماً، إضفاء الطابع المؤسسي على عملها، بما في ذلك ما يرتبط بالأمين العام للتنظيم الدولي، فإنّ هناك اعتبارين يفندان هذه السردية: الأوّل يتمثل في مخالفة هذا الاختيار للوائح التنظيمية الخاصة بالجماعة، التي تنص على ضرورة موافقة قادة الإخوان في الأقطار المختلفة المعتمدة لدى التنظيم الدولي على هذا الاختيار، أو ثلث أعضاء مجلس الشورى الخاص بالجماعة.

وثانياً: من المتوقع أن تبدأ جبهة إسطنبول في تبنّي مجموعة من التحركات التي تستهدف احتواء وتطويق تحركات جبهة لندن، لعل أوّلها سيكون استنساخ محمود حسين لنموذج إبراهيم منير على مستوى الجمع بين القيام بأعمال المرشد العام والأمين العام للتنظيم الدولي، وسوف يستغل في ذلك كونه أحد أعضاء مجلس شورى الجماعة المتبقين.
وسيكون الهدف من ذلك، وفق الدراسة، إطالة أمد الصراع، والتأكيد على عدم شرعية قرارات جبهة لندن، إلى حين حدوث متغيرات جديدة ترجح كفة أحد الطرفين.

وفي ختامها، أوضحت الدراسة أنّ “التنظيم الدولي للإخوان سيكون في الفترات المقبلة محور صراع رئيس بالنسبة إلى جبهتي لندن وإسطنبول، في ضوء إدراك الجانبين لما يحظى به التنظيم الدولي من أهمية، سواء على مستوى إدارته للعلاقات الخارجية الخاصة بالجماعة، أو على مستوى الاقتصاديات التي ستتاح للطرف الذي سيسيطر عليه”.

spot_img