مع انتهاء الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار في السودان، اشتعلت الأوضاع سريعا في العاصمة الخرطوم واشتد القتال؛ إذ أفاد شهود عيان باندلاع أعمال عنف جديدة في ولاية شمال دارفور أودت بحياة 40 شخصا على الأقل، بينما قد يفاقم موسم الأمطار من الأزمة الإنسانية.
وبدأ وقف لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 22 مايو وانتهى أجله ليلة السبت، وأدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة إلى هدوء حدة القتال قليلا والسماح بوصول مساعدات إنسانية محدودة لكن شابته، شأنه شأن غيره من إعلانات وقف إطلاق النار السابقة، عدة انتهاكات، وانهارت يوم الجمعة محادثات كانت تهدف إلى تمديده، بحسب رويترز.
واندلع الصراع الدامي على السلطة في السودان يوم 15 أبريل وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة نزح خلالها أكثر من 1.2 مليون شخص داخل البلاد وفر 400 ألف إلى دول الجوار، كما أنه يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
وأظهرت لقطات حية أمس الأحد تصاعد أعمدة من الدخان الأسود في سماء العاصمة، وقال سكان الخرطوم إنهم يعيشون في رعب من القصف العنيف وأصوات المدافع المضادة للطائرات وانقطاع التيار الكهربائي.
كما وردت أنباء عن اندلاع قتال في عدة مناطق أخرى منها وسط الخرطوم وجنوبها وبحري، وخارج العاصمة، اندلع قتال في إقليم دارفور في الغرب الذي يعاني بالفعل من ويلات صراع طال أمده وأزمات إنسانية طاحنة.
وأفاد شهود بأن القتال العنيف الذي اندلع يومي الجمعة والسبت أدى إلى حالة من الفوضى في مدينة كتم، وهي مركز تجاري وإحدى البلدات الرئيسية في شمال دارفور.
وقالت هيئة محامي دارفور الحقوقية: إن 40 شخصا على الأقل قُتلوا وأصيب العشرات بعضهم من سكان مخيم كساب الذي يؤوي نازحين من اضطرابات سابقة.
ونفى الجيش سيطرة قوات الدعم السريع التي خرجت من رحم ميليشيات في دارفور على المدينة، وقال شهود إن طائرة عسكرية تحطمت في أم درمان وهي واحدة من ثلاث مدن تشكل منطقة العاصمة الكبرى.
ولم يصدر تعليق حتى الآن من جانب الجيش الذي يستخدم طائرات حربية لاستهداف قوات الدعم السريع المنتشرة في أنحاء العاصمة.
بينما أفادت السلطات المعنية بالآثار في السودان بأن مقاتلي قوات الدعم السريع انسحبوا من المتحف القومي في وسط الخرطوم، ونشرت القوات شبه العسكرية أمس الأول السبت مقطعا مصورا من داخل المتحف الذي يضم مومياوات وقطعا أثرية ثمينة أخرى، نافية أن تكون قد ألحقت أي ضرر بالمقتنيات.
وأدت الأعمال القتالية إلى انتشار عمليات النهب والدمار في العاصمة وانهيار الخدمات الصحية وانقطاع الكهرباء والمياه وقلة المتاح من الإمدادات الغذائية.
وشهدت الأيام الماضية أول هطول للأمطار لهذا العام؛ ما يمثل بداية موسم سيستمر حتى أكتوبر تقريبا ويؤدي إلى حدوث فيضانات وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، وقد يقود هطول الأمطار إلى تعقيد جهود الإغاثة التي تضررت بالفعل بسبب التأخيرات الناجمة عن الإجراءات البيروقراطية والتحديات اللوجيستية.
بينما قالت السعودية والولايات المتحدة إنهما تتواصلان يوميا مع وفدي الجيش وقوات الدعم السريع اللذين لا يزالان في جدة رغم تعليق محادثات تمديد وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.
وأضاف البلدان في بيان أن المشاورات تتركز على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التي يتعين على الطرفين اتخاذها على المدى القريب قبل استئناف محادثات جدة.
ودعت السعودية والولايات المتحدة طرفي الصراع في السودان إلى العمل من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وطالبوا الطرفين بتنفيذ التزاماتهما في اتفاق جدة.