أزمات متفاقمة تشهدها صفوف الإخوان، التي مزقتها الخلافات وتزداد قربا من الهاوية يوما بعد يوم، في ظل صراع قادتها على السلطة والمال؛ إذ تتناحر جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، بصورة متزايدة.
وتصاعدت الخلافات بعد أن أعلنت جبهة إسطنبول عزل منير رسميا وتشكيل لجنة للقيام بمهام القائم بعمل المرشد، لتقرر جبهة بريطانيا منع الدعم المالي الشهري عن مؤيدي منير بين الجماعة، في قرار صادم من شأنه زيادة الانقسامات بين الإخوان.
وتسارعت وتيرة الأزمة بأن أصدر محمود حسين قرارا بوقف الدعم المالي عن أسر معتقلي الجماعة في السجون المصرية، وتعليق رواتبهم الشهرية خاصة المحسوبين على جبهة منير، ووجه تحذيرا إلى عناصر وقادة المكاتب الإدارية في الداخل لمنعهم من تأييد منير، وهدد بفصلهم رسميا، ووقف كافة الامتيازات الممنوحة لهم.
وتزامنا مع ذلك، يسعى مصطفى طلبة، الذي نصبته جبهة إسطنبول مؤخرا قائما بأعمال المرشد، إلى حل التنظيم الدولي في لندن، بعد أن قرر منير تفكيك ما يعرف بالشورى العام التابع لحسين.
وتحاول الجبهتان الاستحواذ والسيطرة على التنظيم عبر فروعه ومكاتبه في مختلف الدول والمكاتب الإقليمية، بهدف الهيمنة على كافة الشركات والحصص الاستثمارية والتمويلات، والتبرعات، والاشتراكات التي ترد للجماعة.
وتطورت الخلافات من أروقة الغرف المغلقة والبيانات إلى الصعيد الإعلامي، حيث أعلن المذيع الإخواني حسام الغمري أن برنامجه قد يتوقف بعد أن غاب بالفعل لمدة أسبوع عن تقديم البرنامج الذي كان ينتقد فيه السلطات، بينما بدأت جبهة حسين، عبر الفلسطيني الأصل البريطاني الجنسية عبدالرحمن أبو دية تجهز منصات بديلة في العاصمة البريطانية لمذيعي الجماعة، معتز مطر وحمزة زوبع ومحمد ناصر.
وسبق أن أعلنت جبهة إسطنبول في بيان رسمي، أن مجلس الشورى اجتمع وقرر تشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام من بين أعضائه، وتقوم بمهام المرشد العام للجماعة لمدة ستة أشهر، على أن يتم الإعلان عن هذه اللجنة في الوقت الذي يحدده المجلس.
وأكدت أن اللجنة بدأت في ممارسة عملها وأعلنت تسمية الدكتور مصطفى طلبة ممثلا رسميا لها، الذي لديه علاقات وثيقة مع السلطات التركية، ويتولى إدارة مجموعة ضخمة من استثمارات وأموال الجماعة، ويشغل منصب نائب رئيس مجلس شورى الإخوان بتركيا.
ويعد مصطفى طلبة مدرجاً مع شقيقه بقوائم الإرهاب بالقاهرة، وذلك في القضية رقم 784 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا في مصر.
وفي الوقت نفسه، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن ما يسمى بمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية “كير” قرر إقالة مدير فرعه في أوهايو بعد اتهامات بالخيانة وتسريب المعلومات، مؤكدة أن هذه الإقالة كشفت علاقة “كير” التابعة لقطاع الإخوان بحركة حماس، والتي تصنفها الولايات المتحدة حركة إرهابية.
وترى الصحيفة أنه من الواضح وجود اختراق داخلي انتهى بفضيحة مدوية للغاية لمنظمة مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية “كير”، والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة، حيث أقالت “كير” والتي تُتهم بأنها إحدى أذرع تنظيم الإخوان الخارجية مديرها في ولاية أوهايو، رومين إقبال، بتهمة الخيانة وتسريب المعلومات.
ويعتبر رومين أحد أبرز المديرين القياديين في المنظمة التي انضم إليها قبل نحو 15 عاماً، ولكن “كير” أكدت أنه “أقدم على خيانة وانتهاك للثقة، جرى التخطيط له منذ سنوات”.
وتتفاقم الخلافات بين أفراد الإخوان، منذ أن أعلن إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان والقائم بأعماله، فصل قيادات عليا بالجماعة سبق أن أعلن إحالتها للتحقيق وآخرين لم يسمهم، زاعما أنهم “أقدموا على قرارات لشق الصف وإحداث بلبلة”، ليتلقى منهم لاحقا تهديدات بالقتل، وذلك بعد انتخابات شهدتها صفوف الجماعة.
وترجع أسباب الصراع الطاحن بين قيادات التنظيم إلى مالية وإعلامية، حيث أوقفت الدول الحاضنة لهم دعمهم وتحديد أنشطتهم، ومنها تركيا، التي أصدرت قرارات حاسمة بشأن النشاط الإعلامي، في ظل مساعيها لإعادة العلاقات مع مصر والإمارات.
ويهدف الصراع الداخلي بين الإخوان إلى الاستيلاء على المقدرات المالية للجماعة، حيث تحاول القيادات المتنازعة الحصول على أكبر نسبة من الدعم الضئيل الذي يصل لهم، بعد انهيار أذرع الجماعة في الدول العربية، منها المغرب وتونس ومصر والسودان.