بعد أن هدم وخرب الرئيس التركي علاقات بلاده الخارجية على مدى عدة أعوام، بسبب أطماعه وادعاءاته، يلهث حاليًا من أجل إعادتهم مع البلدان بكل السبل، ليصطدم بعدة عراقيل، جعلته يخضع لسرعة حلها وفك عزلة بلاده.
وتأتي مصر في صدارة الدول التي يبذل أردوغان كل جهوده من أجل المصالحة والتقرب معها مجددًا، لذلك بعد المماطلة، خضعت أنقرة للقاهرة، وقررت وقف نشاط كافة الوسائل الإعلامية الإخوانية على أرضها، ليقرر أعضاء الجماعة الهروب عنها سريعا.
ولنيل الرضا المصري مع إصرار القاهرة على عدم التفاوض دون تنفيذ شروطها كاملة، كشف الإعلامي الإخواني سامي كمال قرار السلطات التركية الصادر قبل ساعات بوقف النشاط الإعلامي لعدد من الإعلاميين الموالين للجماعة والتوقف عن نشاطهم الإعلامي من داخل تركيا.
كما أعلن الإعلامي الإخواني معتز مطر وقف بث برنامجه، الذي يذاع على قناة إخوانية بعد طلب من السلطات التركية، قائلاً في فيديو: “بعد 7 سنوات نحمل عصانا ونرحل”، دون أن يعلن عن وجهته القادمة بعد رفض السلطات أي برامج تنتقد مصر.
وقبل أيام قررت مصر فرض شروط جديدة في العلاقات مع تركيا، في مقدمتها منع أنقرة من التدخل في الانتخابات الليبية المقبلة، وفقا لما كشفته مصادر مطلعة، موضحا أنه تم تأجيل عقد لقاءات جديدة مع تركيا لحين التنفيذ الجاد والحقيقي للشروط التي تقدمت بها القاهرة، من جانب أنقرة.
وأشارت المصادر إلى أن تركيا تماطل في تنفيذ عدد من المطالب المصرية، وتحديدا فيما يخص تقليل عدد قواتها في ليبيا، بينما تتمسك القاهرة بتسليم الإخوان الهاربين لإسطنبول.
وخلال مطلع الشهر الماضي، جرت المباحثات الاستكشافية الأولى بين مصر وتركيا، حيث أصدرت الخارجية المصرية، بيانا أكدت فيه أن المُباحثات الاستكشافية بين وفدي مصر وتركيا التي احتضنتها القاهرة؛ ضمت رئاسة نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا السفير سادات أونال، وشهدت بحث القضايا الثنائية، وعدد من القضايا الإقليمية، خاصة الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط، مشيرة إلى أنه “سيقوم الجانبان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة”.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول تركيا بكل السبل إعادة العلاقات مع مصر، والتي بدأت بالتودد والمغازلة عبر العديد من التصريحات ثم تقييد أنشطة الإعلام الإخواني بإسطنبول ومنع منح الجنسيات لهم وتهديد قادتهم، لتسارع الزمن من أجل أول زيارة مرتقبة من أنقرة للقاهرة بمايو المقبل.
وفي الوقت نفسه، تسعى تركيا لتحسين علاقتها مع أميركا، ولكن رغم التصريحات المتفائلة بعد لقاء أردوغان وبايدن الأسبوع الماضي، إلا أنه في حقيقة الأمر المصالحة ما زالت بعيدة المنال،
وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بعد أن حصلت أنقرة على صواريخ “إس-400” للدفاع الجوي من روسيا في عام 2019، مما أدى إلى استبعادها من برنامج الطائرات المقاتلة الشبح إف-35 وفرض عقوبات على وكالة المشتريات الدفاعية التركية.
وتختلف سياسات البلدين أيضًا حول سوريا؛ حيث تدعم الولايات المتحدة المسلحين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، كما تختلف سياساتهما حول ليبيا وشرق البحر المتوسط.
وأكد المحلل السياسي أوزغور أونلوهيسارجيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة لموقع أحوال التركية، أن تركيا والولايات المتحدة لن يتمكنوا من إعادة عصرهم الذهبي في علاقاتهما، مؤكدا أنه لم يكن لديهما مطلقًا مثل هذه العلاقة المميزة في تاريخهما المشترك.
وتابع إن هناك ثلاث مشاكل هيكلية في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، أولها العلاقات بين البلدين خلال الحرب الباردة، فأصبح كلاهما الآن دولتين مختلفتين لهما أهداف مختلفة، أما المشكلة الثانية فهي أنه بخلاف انعدام الثقة، توجد شكوك متبادلة بين البلدين، مضيفا: “الأكثر حدة هو أن الولايات المتحدة لديها أجندة طويلة الأجل لإنشاء دولة كردية على طول حدود تركيا والتي ستطالب في الوقت المناسب بأراضٍ تركية”.
وأكد الخبير التركي أن المشكلة الهيكلية الثالثة بين البلدين هي أن التكريم الإستراتيجي للعلاقة قد انهار.