منذ الإعلان عن إطلاقها، أحاط بالانتخابات الرئاسية الإيرانية جدل ضخم، تأجج باستبعاد الكثيرين وقصرها على 7 مرشحين فقط اختارهم المرشد علي خامنئي، ليثير ذلك غضب المستبعدين الذين سارعوا بمهاجمة النظام، وسط رفض دولي ضخم لذلك الإجراء الانتخابي.
واعتبرت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، أن النظام الإيراني سيتولى تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 يونيو الجاري، حتى قبل أن يتجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع، لذلك يشعر الكثيرون بالرغبة في البقاء بمنازلهم وعدم التصويت في تلك الانتخابات.
وأضافت المجلة في تقريرها اليوم الجمعة: أن ذلك يعد مؤشرا سيئا بأن إحدى اللحظات القليلة التي يمكن تذكرها خلال المناظرة الرئاسية الماضية بطهران، هي دليل كافٍ على أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تم تزويرها بالفعل، لصالح المرشح الأبرز بها، وهو إبراهيم رئيسي.
وأكدت أن المرشحين في الانتخابات الرئاسية هاجموا عبر معظم المناظرة، التي تمت يوم الثامن من يونيو الجاري، الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، الذي لن يشارك في الانتخابات، لشعورهم بعدم وجود محاور يناقشونها، حيث تم اختيار المرشحين المحافظين الذين يعلمون مسبقا أنهم خاسرون.
ولفتت المجلة البريطانية إلى قول محسن مهر علي زاده، السياسي الإيراني الإصلاحي، والمحافظ الأسبق لخراسان وأصفهان، إن النظام الإيراني جمع الشمس والقمر والسماوات لصالح فوز شخص واحد بالانتخابات، قاصدا المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي.
وشددت على أنه لا توجد انتخابات حرة في إيران، حيث يملك رجال الدين السلطة العليا، وربما يجد أي مرشح نفسه مستبعدا لأتفه الأسباب، مشيرة إلى أنه سبق أن تقدم أكثر من 600 مرشح للمشاركة في الانتخابات الرئاسية ولكن مجلس صيانة الدستور، الذي يضم محامين ورجال دين يقوم بفحص المرشحين، وافق على 7 مرشحين فقط للمشاركة في السباق الانتخابي.
وأردفت أن ما تشهده إيران ليس انتخابات على الإطلاق، ولكن الهدف منها هو تنصيب إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء، والمتشدد البارز الذي شارك في حملة الإعدام الواسعة النطاق ضد سجناء سياسيين في الثمانينيات، الذي بدا أنه محرج إلى حد ما نتيجة التزوير الفج، بقوله: “يجب أن يكون لدينا مشهد انتخابي أكثر تنافسية”، بينما كان الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني مباشرا بشكل أكبر، عندما وصف الانتخابات بأنها “جثة هامدة”.
وترى أن تلك المسرحية الهزلية سوف تدفع الإيرانيين نحو مقاطعة الانتخابات، خاصة أن آخر استطلاع رأي أظهر أن 32% من المواطنين قرروا عدم التصويت تحت أي ظرف، في حين قال 34% إنهم سيشاركون في الانتخابات، في تراجع عن النسبة المسجلة في مايو، والتي كانت 43%، قبل إعلان مجلس صيانة الدستور عن القائمة النهائية للمرشحين، بالتزامن مع اتساع رقعة الأصوات المقاطعة للانتخابات.
وشددت “ذي إيكونوميست” على أن ذلك يرجح تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية الماضية، باستبعاد المرشحين ذوي الفكر الإصلاحي بشكل جماعي، حيث كانت نسبة المشاركة 43% فقط، بانخفاض 19% عن الاقتراع السابق، ليصبح الأدنى في تاريخ إيران.
وأوضحت أنه رغم عدم اهتمام النظام الإيراني بالديمقراطية، لكنه يرغب في الحفاظ على صورة محترمة؛ لذلك فالإقبال المنخفض سيكون مصدر إحراج له، فيحاول المرشد الأعلى علي خامنئي حشد المواطنين على الاقتراع بقوله: إن التصويت واجب ديني، ووصف عدم المشاركة بـ”الخطيئة الكبرى”.
واستطرت أن خطر اندلاع احتجاجات جماهيرية، مثل تلك التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009، والتي فاز بها أحمدي نجاد، يبدو بعيد المنال، حيث فقد معظم الإيرانيين الثقة في النظام، بمن فيهم الإصلاحيون، مشيرة إلى أن أعوام حكم روحاني شهدت تدهورا اقتصاديا بالغا، دون أي تعديلات اجتماعية بارزة.
وتوجد مخاوف من أن انتخاب رئيسي سيتسبب في عرقلة المسار التفاوضي الخاص بإحياء الاتفاق النووي.