في الوقت الذي كانت تشتعل فيه غزة بصواريخ إسرائيل وتنهار منازل المواطنين الأبرياء وفقدَ المئات أرواحهم، أشاحت حركة حماس التي تدعي مقاومة الاحتلال بأنظارها عن كل تلك الكوارث، لينعم ممثلوها بالطرف والبذخ والثراء في قطر.
قبل نجاح مصر في التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وقطاع غزة، خلال فترة القصف المتبادل التي تعتبر الأعنف مؤخرا، ظهر، في منتصف الشهر الجاري، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة القطرية الدوحة، بمهرجان تحت شعار “فلسطين تنتفض” الذي مدح فيه أمير قطر ووالده، ووجه رسالة لإسرائيل بضرورة رفع يدها عن القدس.
بذلك الوقت أثار ظهور هنية في الدوحة موجة من الجدل، خاصة بين الفلسطينيين، الذين اتهموه بإشعال الحرب في غزة، ثم السفر في رحلة استجمام إلى قطر والاستمتاع بالرفاهية الشديدة، حيث انتشرت فيديوهات له في منطقة “سوق واقف” السياحية.
وهو بالفعل ما حدث، حيث انتشرت وثيقة عن تكلفة إقامة هنية بالدوحة خلال تلك الفترة والتي تصل إلى مليون دولار، خلال 11 يوما فقط، بينما تحتاج غزة بالفعل لذلك المبلغ من أجل إعادة إعمارها.
ونشر الوثيقة، الدكتور أحمد الفراج، الباحث والأكاديمي السعودي، معلقا عليها بقوله إن: “الثروة والثورة لا يجتمعان، حسب هذه الفاتورة.. كلّفت إقامة إسماعيل هنية ومرافقيه في أحد فنادق الدوحة أثناء قصف فقراء غزة مليون دولار”.
وأضاف الفراج أن الإقامة شملت: “٤ أجنحة ملكية و ٢٦ غرفة ملكية وخدمات أخرى”، مؤكدا: “لقد قيل: ثمن النضال غال جدا وهذا صحيح”.
وتظهر في الوثيقة الصادرة عن فندق “ماندراين أورينتال الدوحة” أن تكلفة الإقامة لهنية خلال مدة القصف والبالغة 11 يوما، تتضمن 4 أجنحة ملكية و8 غرف ملكية مزدوجة و18 غرفة ملكية مفردة، وسبا ومركز عافية وخدمات غسل وتنظيف الملابس، وخدمات مقدمة بقاعات المناسبات والاجتماعات، وخدمات أخرى عديدة من بينها المواصلات، ما يظهر حجم الطرف الذي قضاه هنية والوفد المرافق له، فيما عانى الشعب الفلسطيني من ويلات القصف الإسرائيلي.
أثار ذلك الترف الذي عايشه إسماعيل هنية والوفد المرافق له، غضب طهران، حيث وجهت وزارة الداخلية الإيرانية خطابا حادا لحركة حماس، بشأن نشر الصور والوثائق السرية والخاصة بالحركة خلال تواجدهم في الدوحة ما أثار استياء المراجع والقيادات بشكل مبالغ في طهران، معتبرة أن: “تلك الأعمال تثير إشكالات قد تشتت الجهود بلا طائل وتشوه صورة حماس لما تحتويه من مظاهر الإسراف والبذخ”.
وطالبت إيران الحركة بـ”عليكم احتواء الأمر بأقصى سرعة والتحقيق مع الفريق السياسي لحركة حماس وقائدهم الأخ إسماعيل هنية والرفع إلينا بالتقارير والنتائج، وترفق الوثائق والخطط الجديدة للعمل على التعاون لتنفيذها وإنجاحها”.
في 21 مايو الجاري، بعد 11 يومًا عانى فيهم قطاع غزة من القصف المتبادل مع تل أبيب، نجحت مصر من التوصل للتهدئة في القطاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد جهود وساطة ضخمة مع أميركا.
وأعلنت مصر نجاح الجهود للتهدئة في القطاع بين إسرائيل والفلسطينيين، مشددة على أن الهدنة متبادَلة ومتزامنة في إسرائيل وغزة، بوقف إطلاق النار في غزة، بعد 11 يوما من تصعيد عسكري هو الأكبر منذ 2014، حيث لاقى ذلك القرار إشادات دولية واسعة.
ومن ناحيته، ثمّن الرئيس الأميركي جو بايدن دور مصر والدول الأخرى التي ساعدت في التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا: “أعبر عن امتناني الصادق للرئيس المصري وكبار المسؤولين المصريين الذين لعبوا دوراً دبلوماسياً حاسماً، وأثمن مساهمة أطراف أخرى بالمنطقة عملت أيضاً من أجل إنهاء الأعمال العدائية التي أدت لمقتل الكثير من المدنيين بمن فيهم الأطفال، وأعبر عن تعازيّ الخالصة لكافة الأسر الإسرائيلية والفلسطينية التي فقدت أحباءها وآمل أن يتعافى الجرحى سريعاً”.