لم يقتصر إجرام الإخوان على تدمير البلدان وتحقيق مخططاتهم وتوسيع نفوذهم وتفتيت الشعب والمناطق ونهب الثروات ونشر الفوضى والإرهاب فقط، وإنما اتسعت أيضًا لدعم المتطرفين وتهريبهم عبر تشكيل مافيا كبيرة في الخفاء تابعة للتنظيم الإرهابي تتولى تنفيذ تلك المهام.
وتولت تلك المافيا الإرهابية تهريب المتطرفين إلى مناطق الصراع في سوريا وليبيا التي ينتشرون بها، بدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليحققوا من خلال ذلك تجارة مربحة جمعوا بها مئات الملايين من الدولارات، والتي لاقت رواجا ضخما بين عامي 2014 و2018.
وتولى إدارة تلك المافيا، محمود حسين، الأمين العام لتنظيم الإخوان، حيث عمل على نقل المتطرفين إلى السودان التي كانت بمثابة جسر في ظل تمكن الإخوان من الخرطوم، ثم إلى سوريا أو ليبيا، أو غيرها من المناطق المشتعلة في الشرق الأوسط، أو التي تشهد صراعا مسلحا، نظير مقابل مادي يصل إلى 60 ألف جنية للفرد الواحد، مع ضمان ولاء هذه المجموعات للتنظيم الدولي، وأذرعهم كجبهة النصرة، لتحقيق أهداف مشتركة منها إسقاط النظام السوري.
لم يقتصر دور تلك المافيا على نقل المتطرفين فقط والحصول على مقابل مادي منهم، بل أيضا يحصلون على أموال أخرى من الجهة التي تستقبلهم ويرغبون في ضم مقاتلين إليهم، وكان يتم نقلهم أيضًا إلى صوماليلاند ثم سوريا فقبرص ثم ليبيا وأوغندا وكينيا، كمناطق حاضنة للإرهاب لإقامة معسكرات تدريب وتأهيل قبل نقلهم لمناطق أخرى مشتعلة.
أما المتطرفون الذين كانوا يتجهون إلى ليبيا، فكان يتم نقلهم إلى مطار مصراتة، ومنها لمدينة درنة عبر وسيط وسيارات مجهزة، ويستقبلهم عمر رفاعي سرور، أحد قادة مجلس شورى المجاهدين في درنة وزعيم “تنظيم أنصار الشريعة”، بتوفير المسكن وكل ما يخص التدريب، وفي حال تمرد أي شخص يتم الإبلاغ عنه بكونه إرهابيا ليرفع عنه غطاء الحماية ومن ثم التخلص منه.
ولكن بعد إسقاط النظام السوداني الإخواني، واجهت تلك العمليات أزمة صعبة قبل حوالي عامين، خاصة مع غلق الحدود المصرية بالكامل، ليحاول التنظيم الدولي بتركيا فتح معابر جديدة، والزج بالشباب لتلك المناطق المشتعلة بإعدادهم ونقلهم عبر مندوب من “جبهة النصرة” ما بين الحدود السورية والتركية، بعد الإعداد النفسي والتربوي والعسكري للمجموعات المقاتلة.
ووفقا لذلك، يجري التنسيق بين الإخوان والحكومة التركية، كون تلك المجموعات تعمل تحت عين أجهزة الاستخبارات التركية، التي تسهل مهمتهم وعمليات نقل المتطرفين، ما يعني أن أردوغان نجح على مدار عقد كامل من اختطاف كل الجماعات المتطرفة والتمكن من مصادرة القرار بداخلها وتوظيف هذه التنظيمات التي تتواجد على أراضيها لصالح مشروعه السياسي وحلمه الضخم باستعادة السلطنة العثمانية عبر الإرهاب، بداية من “داعش” و”القاعدة” وحركتي “حسم” و”لواء الثورة” وحتى “جبهة النصرة” وغيرهم من التنظيمات المحلية والإقليمية الأخرى.