يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التمدد داخل قارة آسيا بكل السبل، لتحقيق أطماعه في تلك البلدان، والوصول لأوهامه بالهيمنة عليها، عبر ستار المساعدات والدعم المزعوم.
واختار أردوغان الدول الآسيوية لاختراقها بمهارة، فاتجه إلى البلدان التي تشهد توترات أو أزمات سياسية ونزاعات مسلحة، لذلك صوب نظره إلى باكستان وأذربيجان ثم أفغانستان لفرض نفوذه.
وهو ما يتفق مع تصريحاته، قبل عامين، بأن تركيا ستقدم الدعم اللازم لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان، ما يثبت استغلال أردوغان للأزمات التي تشهدها الدول من أجل الدخول لأراضيها والسيطرة عليها بعيدا عن قوات الناتو، بدعمها اقتصاديا وعسكريا.
وظهرت تلك الأطماع المبطنة، في حديث وزير النقل والبنية التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو، الأسبوع الماضي، بأن بلاده ستقدم الدعم اللازم لأفغانستان في مشاريع النقل والبنية التحتية، زاعما أن الدعم المقدم سيكون في إطار مذكرة التفاهم المقرر توقيعها بين البلدين بخصوص التعاون في أنشطة البحث وتطوير الطرق البرية وسكك الحديد والنقل الجوي.
الدخول التركي إلى أفغانستان، جاء من خلال أكاذيب بتقديم المساعدات ومشروعات البنية التحتية، فضلا عن تواجدها العسكري ضمن قوات حلف الناتو، بجانب دعم التيارات الإسلامية المقربة منها ذات الامتدادات في أفغانستان.
لم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما استغل أردوغان القوة الناعمة للدخول إلى أفغانستان، بهدف التأثير على مجتمعها، وهو ما من شأنه فتح بوابة وسط آسيا الذي سيشكل مجالا حيويا لأنقرة.
وفي الوقت نفسه، التقط أردوغان مطالبات إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بإعادة النظر في اتفاق السلام مع طالبان بأفغانستان، لذلك سارع بتعديل دور تركيا ومواقفها خاصة، بعد موافقة البرلمان التركي، قبل أيام، على المذكرة الرئاسية لأجل تمديد مهام القوات العاملة في أفغانستان، 18 شهرا.
كما يحاول لعب دور عسكري بالبلاد لمنافسة القوة الإقليمية المجاورة التي تورطت في دعم أطراف النزاع في البلاد، من أجل إحراج الولايات المتحدة، وبالمقابل دعم خليفته إيران في تسلح جماعات مرتبطة بحركة طالبان.
أحلام الرئيس التركي الضخمة في أفغانستان، لم يبنها على أساس صحيح، حيث تتفشى بتلك البلاد أزمات ضخمة ستنهك قوة تركيا، بين التدهور المجتمعي والاقتصادي والنزاعات المسلحة بين الجماعات المتطرفة، لذلك فهي تحتاج إلى تنمية شاملة وضخمة وشروط عديدة لتجاوز ذلك.
وتجاهل أيضا مدى صعوبة توسيع النفوذ التركي بأفغانستان في ظل التواجد الأميركي والخلافات مع الولايات المتحدة، فضلا عن كشف إدارة بايدن قلقها من التدخلات التركية بخارج أراضيها، إلا أن أردوغان مازال مصرا على مساعيه للسيطرة من أجل استعادة حلم السلطنة العثمانية التي تعتبر أوهامًا فقط لديه.
وسبق أن أطلق عام 2011، مبادرة “مؤتمر إسطنبول من أجل أفغانستان”، تحت ادعاءات تعزيز للتعاون الإقليمي مع كابول، ولكنها لم تحقق أي مكاسب على الأرض وكانت حبرا إلى ورق فقط، استغلتها تركيا لتوظيف جماعات متشددة في خدمة أجندتها التوسعية في آسيا شأنها في ذلك شأن دورها في سوريا.