ذات صلة

جمع

ساعة الحسم.. لماذا اختارت واشنطن “مطلع الشهر” لإرسال مبعوثها للعراق؟

تشهد العاصمة بغداد حالة من الاستنفار السياسي مع إعلان...

تحت ستار “الحقوق”.. كيف يغذي الإخوان صراع الهويات في الشارع الفرنسي؟

تعتمد جماعة الإخوان في فرنسا على ترسانة من المنظمات...

مقامرة السلام الأخيرة.. كيف ستقسم روسيا وأوكرانيا كهرباء أكبر محطة نووية بالتساوي؟

تعد محطة زاباروجيا النووية، الأكبر من نوعها في أوروبا، واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في الصراع الروسي الأوكراني، ومع اقتراب نهاية عام 2025، برزت إلى السطح مبادرة سياسية توصف بأنها “مقامرة السلام الأخيرة”، تهدف إلى تحويل هذه المنشأة من “قنبلة موقوتة” إلى “جسر للطاقة” عبر تقسيم إنتاجها من الكهرباء بالتساوي بين موسكو وكييف.

تفاصيل خطة “التقسيم المتساوي” للكهرباء

وقالت مصادر: إن الخطة، التي تدعمها أطراف دولية ووسطاء، تعتمد على مبدأ المشاركة الاقتصادية مقابل التهدئة العسكرية، وتتلخص ملامحها في إدارة مشتركة “الكونسورتيوم الثلاثي” حيث تشير التقارير إلى مقترح أمريكي لإنشاء كونسورتيوم يضم (أوكرانيا، روسيا، والولايات المتحدة) لإدارة المحطة تقنيًا وماليًا و توزيع الحصص، حيث يتم تقسيم القدرة الإنتاجية للمحطة، التي كانت توفر سابقاً نحو 20% من احتياجات أوكرانيا، بحيث تذهب 50% من الطاقة لشبكة الكهرباء الأوكرانية، بينما تخصص الـ 50% الأخرى للمناطق التي تسيطر عليها روسيا أو لاستخدامات تحددها الأطراف الضامنة والضمانات الدولية والتي تلعب الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) دور المراقب الفني لضمان عدم استخدام المحطة لأغراض عسكرية، مع توفير ممرات آمنة لخطوط الإمداد.

لماذا يعتبر تقسيم الكهرباء “مقامرة”؟

وصف الخبراء هذا التوجه بالمقامرة لأنها تعتمد على الثقة المفقودة بين طرفين ما يزالان في حالة حرب، وبالنسبة لأوكرانيا يرى الرئيس زيلينسكي أن أي إدارة مشتركة قد تعني “شرعنة” الوجود الروسي في المحطة، وهو ما يرفضه بشدة، مطالبًا بانسحاب كامل وتدشين إدارة مشتركة مع واشنطن فقط وبالنسبة لروسيا تعتبر موسكو المحطة جزءاً من بنيتها التحتية الجديدة، لكنها قد تقبل بالتقسيم إذا ضمنت رفع بعض العقوبات عن قطاعها النووي وتأمين احتياجات المناطق التي تديرها.

التحديات التقنية والأمنية

لا تقتصر العقبات على السياسة فقط، بل تمتد للجانب التقني فشبكة الربط التي تضررت خطوط الجهد العالي (750 كيلو فولت) مرارًا بسبب القصف، وإعادة الربط بالشبكتين المتنافستين تتطلب صيانة شاملة تحت نيران المدفعية وسد كاخوفكا، حيث تدمير السد سابقًا أثر على مخزون مياه التبريد، مما يجعل إعادة التشغيل الكاملة مرتبطة بمشاريع إعادة إعمار ضخمة تتطلب استثمارات دولية بمليارات الدولارات.

الأبعاد الإنسانية والاقتصادية للمقترح

وبعيدًا عن أزيز الرصاص، يعاني الملايين في أوكرانيا والمناطق المجاورة من انقطاعات حادة في التيار الكهربائي مع دخول شتاء 2025.

وقالت مصادر: إن تقسيم كهرباء زاباروجيا ليس مجرد صفقة تجارية، بل هو اختبار حقيقي لمدى رغبة القوى الكبرى في تجنب كارثة إنسانية ونووية قد تفوق حادثة تشيرنوبل بمراحل وتستطيع المحطة في حال عملها بكامل طاقتها توليد نحو 6000 ميجاوات، وهو ما يكفي لإنارة مدن بأكملها وتدوير عجلة الصناعة التي أصابها الشلل.

التقسيم “بالتساوي” قد يعني توفير طاقة رخيصة ومستدامة، مما يخفف الضغط على ميزانيات الدول التي تعتمد على المساعدات الطارئة.

مستقبل المحطة.. هل ينجح “سلام الطاقة”؟

وتظل محطة زاباروجيا النووية “بيضة القبان” في أي اتفاق لوقف إطلاق النار. فإذا نجحت مقامرة تقسيم الكهرباء، قد تصبح نموذجًا لحل نزاعات الموارد في مناطق الصراع الأخرى، أما إذا فشلت، فستبقى المحطة رهينة للتوترات، مما يبقي العالم في حالة تأهب قصوى خوفاً من أي خطأ غير مقصود.

واختتمت المصادر، أن الوصول إلى صيغة “تقسيم الكهرباء بالتساوي” يتطلب إرادة سياسية تتجاوز حدود كييف وموسكو، إنها معركة بين الحاجة الماسة للطاقة والرغبة في السيادة المطلقة، فهل تضيء زاباروجيا منازل الأوكرانيين والروس معًا في 2026، أم تظل رمزًا للانقسام والظلام؟