في مشهد يعكس هشاشة الهدنة القائمة في قطاع غزة، تتسع دائرة العمليات الإسرائيلية يومًا بعد آخر، لتطاول مناطق جديدة تمتد من أقصى الجنوب في رفح حتى الأحياء الشرقية لمدينة غزة.
على الرغم من ما يفترض أن يكون وقفًا لإطلاق النار، تبدو الأرض مشتعلة بسلسلة هجمات جوية ومدفعية تدفع بالهدنة إلى حافة الانهيار.
رفح تحت الضغط الجوي
المدينة الحدودية التي كانت ملاذًا لآلاف النازحين، تحولت مجددًا إلى ساحة نار، الطيران الحربي شن موجة من الغارات استهدفت أطراف المدينة ومحيطها، تسببت بارتباك واسع بين السكان الذين اعتقدوا أن الهدنة تعني تراجعًا في شدة العمليات.
ومع تصاعد الدخان فوق الأحياء الجنوبية، بدا واضحًا أن رفح ما زالت محورًا رئيسيًا في خارطة العمليات العسكرية، خصوصًا مع استمرار الهجمات التي طاولت مناطق يشتبه بوجود أنفاق فيها.
خان يونس.. محور شرقي مشتعل
ولم يختلف المشهد كثيرًا في خان يونس، حيث تعرضت المناطق الشرقية لقصف مدفعي متواصل، تزامن مع تحليق مروحيات على علو منخفض.
التحرك الجوي الضاغط أعطى انطباعًا بأن العمليات الميدانية تتجه نحو توسيع السيطرة العسكرية، خاصة في المناطق القريبة من “الخط الأصفر” الذي يشكل فاصل التماس بين القوات الإسرائيلية والطرف الفلسطيني.
وقد باتت خان يونس التي شهدت جولات قتال عنيفة خلال الأشهر الماضية عنوانًا جديدًا لتوتر متصاعد يعكس هشاشة الوضع الميداني.
أحياء غزة الشرقية في مرمى النار
الامتداد الشمالي الشرقي للقطاع لم يكن بعيدًا عن التصعيد، حيث طاول القصف أحياء الشجاعية والتفاح والزيتون.
القصف الصاروخي على هذه المناطق المكتظة بالسكان يعيد إلى الواجهة مشاهد الدمار التي ظن الأهالي أن الهدنة ستوقفها ولو بشكل مؤقت.
إلا أن العمليات الحالية تشير إلى مرحلة جديدة من الضغوط العسكرية التي تتحرك على أكثر من محور في وقت واحد.
وقف إطلاق النار.. وثيقة معلّقة على جدار الحرب
ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي، ظلت الهشاشة سمة أساسية لهذه الهدنة.
ومع استمرار الهجمات وتعدد مناطق الاستهداف، يشعر سكان القطاع بأن الاتفاق أصبح مجرد إطار نظري لا ينعكس فعليًا على الأرض.
الحصيلة الإنسانية منذ إعلان الهدنة تكشف أن العنف لم يتراجع، بل اكتسب شكلاً أكثر تذبذبًا، حيث بلغ عدد القتلى خلال هذه الفترة مئات المدنيين إلى جانب مئات المصابين، فيما تتواصل الأعمال القتالية بوتيرة تثير التساؤلات حول جدوى التفاهمات القائمة.
تصعيد يهدد المشهد الإقليمي
وتوسع الضربات من رفح إلى خان يونس ثم إلى شرق غزة، يشكل مؤشرًا على مرحلة قد تشهد تغيرًا في نمط العمليات الميدانية، وربما إعادة رسم للأهداف العسكرية.
التصعيد المتنقل يعكس رغبة في إبقاء الضغط على مختلف مناطق القطاع، في وقت ما تزال الجهود السياسية تراهن على استمرار الهدنة ولو كنافذة لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

