ذات صلة

جمع

مستقبل لبنان.. هل يمتلك الفاتيكان أوراق ضغط لإجبار الأطراف على المصالحة؟

تعيش الساحة اللبنانية لحظة سياسية شديدة الحساسية، مع استمرار...

الدرس القاسي.. خطة ترامب لغزة تحولت إلى عبء سياسي بلا تنفيذ عملي

تكشف التطورات الأخيرة أن الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي...

الصندوق الأسود.. كيف يمهد التحرك ضد الإخوان لخارطة سياسية جديدة في تونس؟

تشهد تونس تحوّلات سياسية متسارعة، تفتح الباب أمام مرحلة...

مستقبل لبنان.. هل يمتلك الفاتيكان أوراق ضغط لإجبار الأطراف على المصالحة؟

تعيش الساحة اللبنانية لحظة سياسية شديدة الحساسية، مع استمرار الفراغ الرئاسي، وتفاقم الانهيار الاقتصادي، وتعطّل مؤسسات الدولة، وتداخل الضغوط الإقليمية والدولية على مسار الحل.

وفي خضم هذا المشهد المعقد، برز الفاتيكان لاعبًا غير تقليدي يحاول الدخول إلى مساحة الجمود اللبناني، من خلال تكثيف الاتصالات مع القيادات الروحية والسياسية، والتحضير لمحاولة جديدة لدفع الأطراف نحو الحد الأدنى من التفاهم.

وقالت مصادر: إن هذا التحرّك يعكس إدراكًا لدى الكرسي الرسولي بأن الأزمة اللبنانية تجاوزت حدود السياسة الداخلية، وباتت تهدد الوجود المسيحي والمجتمعي والتعددي في البلاد، وهو ما يجعل دور الفاتيكان معنويًا وأخلاقيًا وسياسيًا في آن واحد.

لماذا يتحرك الفاتيكان الآن؟

وأكدت المصادر، أن الفاتيكان لم يكن يومًا بعيدًا عن الشأن اللبناني، لكنه اليوم أكثر انغماسًا من أي وقت مضى. ذلك يعود لعدة أسباب رئيسية منها تراجع الدور المسيحي في المؤسسات و الفراغ الرئاسي الأطول في تاريخ لبنان و الخوف على الصيغة اللبنانية، والتحولات الإقليمية السريعة.

جوهر الخلاف اللبناني

ويرى الفاتيكان، أن الأزمة الرئاسية هي المفتاح لكل الأزمات الأخرى، لكن انتخاب الرئيس في لبنان يرتبط بمعادلات غير محلية منها حزب الله وحلفاؤه و المعارضة المسيحية و الدور الإقليمي و الانقسام المسيحي الداخلي، هذه التعقيدات تجعل مهمة الفاتيكان في جمع الأطراف حول مرشح توافقي مهمة شبه مستحيلة ما لم تتغير الحسابات الإقليمية.

هل يمتلك الفاتيكان أوراق ضغط حقيقية؟

وأوضحت المصادر، أنه رغم النبرة الدبلوماسية الهادئة، إلا أن الفاتيكان يملك بعض أوراق الضغط، لكنها ليست بالشكل التقليدي منها توحيد الموقف المسيحي والضغط الدولي عبر أوروبا و التأثير في القرار الأميركي، عبر شبكة الضغط الكاثوليكية، يمكن للفاتيكان دفع واشنطن إلى الانخراط أكثر في الملف اللبناني، وهو ما بدأ يظهر في الأشهر الأخيرة و التهديد بخسارة الحضور المسيحي، وهذا الملف يعتبر ورقة ضغط قوية، لأنه يقلق أوروبا وأميركا ويجبرهما على التحرك لمنع انهيار أكبر.

لكن ورقة الضغط التي لا يملكها الفاتيكان هي ضبط السلاح و تغيير موازين القوى و تجاوز النفوذ الإقليمي، وهذه هي العقدة الأساسية التي تمنعه من فرض مصالحة شاملة.

السيناريوهات المحتملة للتحرك الفاتيكاني

وضمن السيناريوهات، أكدت المصادر أن فرض توافق مسيحي – مسيحي هو السيناريو الأعلى احتمالاً، لأن الفاتيكان قادر على جمع القوى المسيحية حول ورقة واحدة، ما يضغط على بقية الأطراف أو تسوية رئاسية بغطاء دولي – فاتيكاني، حيث يمكن للفاتيكان أن يلعب دورًا في هندسة “تطمينات روحية وسياسية” لرئاسة توافقية تتقبلها الأطراف كافة.

أما عن السيناريو الثالث، ترى المصادر أنه الدور الإنساني بدلاً من السياسي، وإذا فشلت الضغوط، قد يترك الفاتيكان السياسة ويركز على دعم المدارس و المستشفيات و المسيحيين المعرضين للهجرة و المؤسسات الاجتماعية.

كما قالت المصادر: إن انتظار التسوية الإقليمية، قد يكون هذا الأكثر واقعية، فخروج لبنان من أزمته قد يرتبط بنتيجة الصراع في غزة، ومفاوضات واشنطن – طهران، ومسار التطبيع.

واختتمت المصادر، أن الأزمة اللبنانية أعمق من أن تُحل بوساطة واحدة، لكن وجود الفاتيكان على الطاولة يشكل عامل استقرار معنوي وسياسي لا يمكن تجاهله، وقد يكون في لحظة ما عامل التوازن الذي يمهد لمصالحة لبنانية طال انتظارها.