تتجه الأنظار في إسرائيل نحو جلسة مجلس الأمن المقبلة، حيث يطرح مشروع القرار الأميركي المتعلق بغزة والدولة الفلسطينية، وهو مشروع أثار عاصفة سياسية داخل تل أبيب قبل التصويت عليه.
على الرغم من التزام الحكومة الإسرائيلية الصمت الرسمي، اختار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش قيادة حملة علنية لرفض القرار، معتبرين أنه يمهد لاعتراف دولي متجدد بمسار إقامة دولة فلسطينية.
هذا التصعيد كشف حجم الانقسام داخل الائتلاف الحاكم، وحجم الضغط الذي يحيط برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبيل القرار الأكثر حساسية منذ شهور.
لغة القرار الأميركي تشعل غضب اليمين المتطرف
والنص الأميركي تضمن للمرة الأولى إشارة مباشرة إلى “الدولة” في سياق مستقبل غزة؛ ما أثار موجة رفض واسعة داخل تيارات اليمين الإسرائيلي.
واعتبر بن غفير وسموتريتش، أن تمرير مثل هذه اللغة داخل مجلس الأمن يشكل تحولاً استراتيجيًا خطيرًا، لأنه قد يفهم دوليًا على أنه اعتراف غير مباشر بجدوى المسار نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
ورغم أن الحكومة اختارت التلميح إلى “عدم ارتياح”، إلا أن الوزيرين فضلا المواجهة المباشرة، عبر رسائل هجومية تستهدف الفكرة من جذورها، في محاولة لحشد تأييد داخلي يمنع أي قبول رسمي أو ضمني بالصياغة الأميركية.
بن غفير: خطاب ناري ضد فكرة الدولة
في سلسلة تدوينات، صعد بن غفير خطابه إلى أقصى حد، نافيًا وجود شعب فلسطيني ومعتبرًا أن الحديث عن دولة مكافأة للإرهاب.
ورأى بن غفير أن الحل الوحيد لغزة هو “تشجيع الهجرة”، مؤكدًا أن حزبه لن يكون جزءًا من أي حكومة توافق على طرح الدولة من قريب أو بعيد.
هذا الخطاب يعكس استراتيجية بن غفير القائمة على دفع المواجهة إلى أقصى حدودها، واستثمار اللحظة لحشد قاعدته الجماهيرية، خصوصًا في ظل احتدام السجال داخل اليمين بشأن مستقبل غزة والضفة.
سموتريتش يفتح جبهة داخلية ضد نتنياهو
إذا كان بن غفير يركز على مهاجمة فكرة الدولة الفلسطينية، فإن سموتريتش اختار فتح جبهة أخرى، الهجوم على نتنياهو نفسه، واتهمه بالصمت والتراجع السياسي، قائلاً: إن “الانهيار الحالي” في ملف الدولة الفلسطينية هو نتيجة مباشرة لامتناع رئيس الوزراء عن اتخاذ خطوات حاسمة، وفق وصفه.
ويبني سموتريتش على تململ داخل قطاعات من اليمين، يرى أن الحكومة الحالية باتت أقل تشددًا مما كانت عليه قبل أشهر، وأن أي تساهل في ملف الدولة سيُعد تنازلًا تاريخيًا لا يمكن القبول به.
ضغوط متزايدة على الحكومة قبل يوم التصويت
تحاول أطراف في الحكومة الإسرائيلية التخفيف من وقع الضجة، لكن الحملة المتصاعدة من بن غفير وسموتريتش تجعل الصمت الرسمي يبدو وكأنه قبول ضمني بالقرار، وتخشى الحكومة من أن يؤدي أي موقف متراخٍ إلى صدام مع اليمين المتطرف داخل الائتلاف، ما قد يهدد استقراره في لحظة شديدة الحساسية.
وفي الخلفية، يطرح المسؤولون في الائتلاف أفكارًا لاتخاذ خطوات عقابية ضد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، بينها إغلاق قنصليات في القدس وفرض قيود على حركة الدبلوماسيين، ما يعكس توجهًا أعلى نحو التصعيد الخارجي بالتوازي مع المواجهة الداخلية.

