كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن الإدارة الأمريكية طرحت مؤخرًا مقترحًا جديدًا يهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مع إدخال ضمانات غير مسبوقة تضمن عدم استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية طالما استمرت المفاوضات السياسية.
المقترح وفق الصحيفة العبرية يضع إطارًا مختلفًا عن المبادرات السابقة، وينتظر أن يكون محل نقاش واسع داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل وخارجها.
ضمانات أمريكية ضد استئناف القتال
المقترح الأمريكي يتضمن بندًا أساسيًا يقضي بعدم عودة الجيش الإسرائيلي إلى العمليات العسكرية طوال فترة المفاوضات، وهو ما تعتبره واشنطن شرطًا جوهريًا لبناء الثقة بين الأطراف.
وبموجب الخطة، يفترض أن يعيد الجيش الإسرائيلي تموضع قواته في بعض المناطق بعيدًا عن قلب مدينة غزة، مع الالتزام بعدم القيام بأي عمليات هجومية مباشرة.
هذه الصيغة تحمل في طياتها رسالة واضحة، وفق مراقبين، بأن الإدارة الأمريكية تحاول تقديم التزامات ملموسة للفلسطينيين والمجتمع الدولي بعد فشل مبادرات سابقة في تثبيت التهدئة بسبب غياب الضمانات.
تبادل الأسرى وإطلاق المحتجزين
وينص المقترح أيضًا على عملية تبادل واسعة، تبدأ بإفراج حركة حماس عن جميع الرهائن البالغ عددهم 48، سواء كانوا أحياء أو جثامين، في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق. في المقابل، تلتزم إسرائيل بالإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، في خطوة يتوقع أن تكون الأكثر حساسية على طاولة المفاوضات.
كما يشمل المقترح انسحاب القوات الإسرائيلية من داخل مدينة غزة، وهو مطلب أساسي لحماس، مع إبقاء خطوط التماس مرنة إلى حين الاتفاق على ترتيبات أمنية نهائية.
موقف حماس من المبادرة
حركة حماس أبدت في بياناتها العلنية استعدادًا للنظر في الأفكار المطروحة عبر الوسطاء، لكنها اشترطت إعلانًا واضحًا لإنهاء الحرب وانسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية من القطاع.
الحركة أكدت أنها جاهزة للدخول في مفاوضات مباشرة حول ملف الأسرى والمحتجزين فور إعلان وقف النار، مشيرة أن أي مقترح لا يتضمن إنهاء العدوان بشكل كامل سيبقى ناقصًا من وجهة نظرها.
حسابات داخل إسرائيل
داخل إسرائيل، يواجه المقترح الأمريكي جدلاً حادًا، إذ ترى بعض الدوائر أنه يمنح حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها تحت غطاء وقف إطلاق النار، بينما يعتبر آخرون أن الضمانات الأمريكية قد تمثل فرصة نادرة لوقف حرب استنزاف طويلة الأمد.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدرس المقترح بجدية لكنه لم يبدِ موقفًا رسميًا بعد، في ظل ضغوط من شركاء الائتلاف الرافضين لأي انسحاب واسع دون تحقيق “نصر عسكري واضح”.
إشراف دولي ودور أمريكي مباشر
اللافت، أن المقترح الجديد ينص على إدارة المفاوضات النهائية حول إنهاء الحرب تحت إشراف مباشر من واشنطن، وهو ما يعكس رغبة أمريكية في لعب دور الراعي الأساسي لأي تسوية.
وتؤكد مصادر دبلوماسية، أن هذا الدور قد يكون مرتبطًا بتداعيات أوسع على الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تصاعد التوتر في لبنان والبحر الأحمر.
المقترح الأمريكي يضع الأطراف أمام معادلة صعبة، القبول بوقف إطلاق نار طويل يفتح الباب أمام مسار سياسي جديد، أو الاستمرار في دوامة الحرب المفتوحة.
وبينما ترحب بعض العواصم الدولية بالخطوة باعتبارها بداية ممكنة لحل دائم، يبقى مصير المبادرة مرهونًا بقدرة الأطراف على تجاوز الشكوك المتبادلة.